(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٧٨) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩) إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (٨٠)
____________________________________
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) أى ما تخفيه وقرىء بفتح التاء من كننت الشىء إذا سترته (وَما يُعْلِنُونَ) من الأفعال والأقوال التى من جملتها ما حكى عنهم من استعجال العذاب وفيه إيذان بأن لهم قبائح غير ما يظهرونه وأنه تعالى يجازيهم على الكل وتقديم السر على العلن قد مر سره فى سورة البقرة عند قوله تعالى (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أى من خافية فيهما ٧٥ وهما من الصفات الغالبة والتاء للمبالغة كما فى الرواية أو اسمان لما يغيب ويخفى والتاء للنقل إلى الاسمية (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أى بين أو مبين لما فيه لمن يطالعه وهو اللوح المحفوظ وقيل هو القضاء العدل بطريق الاستعارة (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من جملته ما اختلفوا فى شأن المسيح وتحزبوا فيه أحزابا وركبوا متن العتو والغلو فى الإفراط والتفريط والتشبيه والتنزيه ووقع بينهم التناكد فى أشياء حتى بلغ المشاقة إلى حيث لعن بعضهم بعضا وقد نزل القرآن الكريم ببيان كنه الأمر لو كانوا فى حيز الإنصاف (وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) على الإطلاق فيدخل فيهم من آمن من بنى إسرائيل دخولا أوليا (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) أى بين بنى إسرائيل (بِحُكْمِهِ) بما يحكم به وهو الحق أو بحكمته ويؤيده أنه قرىء بحكمه (وَهُوَ الْعَزِيزُ) فلا يرد حكمه وقضاؤه (الْعَلِيمُ) بجميع الأشياء التى من جملتها ما يقضى به والفاء فى قوله تعالى (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) لترتيب الأمر على ما ذكر من شئونه عزوجل فإنها موجبة للتوكل عليه وداعية إلى الأمر به أى فتوكل على الله الذى هذا شأنه فإنه موجب على كل أحد أن يتوكل عليه ويفوض جميع أموره إليه وقوله تعالى (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) تعليل صريح للتوكل عليه تعالى بكونه عليه الصلاة والسلام على الحق البين أو الفاصل بينه وبين الباطل أو بين المحق والمبطل فإن كونه عليه الصلاة والسلام كذلك مما يوجب الوثوق بحفظه تعالى ونصرته وتأييده لا محالة وقوله تعالى (إِنَّكَ