(لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) (٧٣)
____________________________________
وقرىء إذا كنا بهمزة واحدة مكسورة وقرىء إنا لمخرجون على الخبر (لَقَدْ وُعِدْنا هذا) أى الإخراج (نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ) أى من قبل وعده عليه الصلاة والسلام وتقديم الموعود على نحن لأنه المقصود بالذكر وحيث أخر قصد به المبعوث والجملة استئناف مسوق لتقرير الإنكار وتصديرها بالقسم لمزيد التأكيد وقوله تعالى (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) تقرير إثر تقرير (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) بسبب تكذيبهم للرسل عليهم الصلاة والسلام فيما دعوهم إليه من الإيمان بالله عزوجل وحده وباليوم الآخر الذى تنكرونه فإن فى مشاهدة عاقبتهم ما فيه كفاية لأولى الأبصار وفى التعبير عن المكذبين بالمجرمين لطف بالمؤمنين فى ترك الجرائم (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) لإصرارهم على الكفر والتكذيب (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ) فى حرج صدر (مِمَّا يَمْكُرُونَ) من مكرهم فإن الله تعالى يعصمك من الناس وقرىء بكسر الضاد وهو أيضا مصدر ويجوز أن يكون المفتوح مخففا من ضيق وقد قرىء كذلك أى لا تكن فى أمر ضيق (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) أى العذاب العاجل الموعود (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فى إخباركم بإتيانه والجمع باعتبار شركة المؤمنين فى الإخبار بذلك (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ) أى تبعكم ولحقكم واللام مزيدة للتأكيد كالباء فى قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة أو الفعل مضمن معنى فعل يعدى باللام وقرىء بفتح الدال وهى لغة فيه (بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) وهو عذاب يوم بدر وعسى ولعل وسوف فى مواعيد الملوك بمنزلة الجزم بها وإنما يطلقونها إظهارا للوقار وإشعارا بأن الرمز من أمثالهم كالتصريح ممن عداهم وعلى ذلك مجرى وعد الله تعالى ووعيده وإيثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال عسى أن يردفكم الخ لكونه أدل على تحقق الوعد (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) أى لذو أفضال وإنعام على كافة الناس ومن جملة إنعاماته تأخير عقوبة هؤلاء على ما يرتكبونه من المعاصى التى من جملتها استعجال العذاب (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) لا يعرفون حق النعمة فيه فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه كدأب هؤلاء.