(أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) (٦٦)
____________________________________
وجوده بعنوان كونه إلها وشريكا له تعالى أو عن إشراكهم (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) أى بل أمن يبدأ الخلق ثم يعيده بعد الموت بالبعث (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أى بأسباب سماوية وأرضية قدرتبها على ترتيب بديع تقتضيه الحكمة التى عليها بنى أمر التكوين خير أم ما تشركونه به فى العبادة من جماد لا يتوهم قدرته على شىء ما أصلا (أَإِلهٌ) آخر موجود (مَعَ اللهِ) حتى يجعل شريكا له فى العبادة* وقوله تعالى (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أمر له عليه الصلاة والسلام بتبكيتهم إثر تبكيت أى هاتوا برهانا عقليا أو نقليا يدل على أن معه تعالى إلها لا على أن غيره تعالى يقدر على شىء مما ذكر من أفعاله تعالى كما قيل فإنهم لا يدعونه صريحا ولا يلتزمون كونه من لوازم الألوهية وإن كان منها فى الحقيقة فمطالبتهم بالبرهان عليه لا على صريح دعواهم مما لا وجه له وفى إضافة البرهان إلى ضميرهم تهكم بهم لما فيها من إيهام أن لهم برهانا وأنى لهم ذلك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أى فى تلك الدعوى (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) بعد ما حقق تفرده تعالى بالألوهية ببيان اختصاصه بالقدرة الكاملة التامة والرحمة الشاملة العامة عقبه بذكر ما هو من لوازمه وهو اختصاصه بعلم الغيب تكميلا لما قبله وتمهيدا لما بعده من أمر البعث والاستثناء منقطع ورفع المستثنى على اللغة التميميمة للدلالة على استحالة علم الغيب من أهل السموات والأرض بتعليقه بكونه سبحانه وتعالى منهم كأنه قيل إن كان الله تعالى ممن فيهما ففيهم من يعلم الغيب أو متصل على أن المراد بمن فى السموات والأرض من تعلق علمه بهما واطلع عليهما اطلاع الحاضر* فيهما فإن ذلك معنى مجازى عام له تعالى ولأولى العلم من خلقه ومن موصولة أو موصوفة (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) أى متى ينشرون من القبور مع كونه مما لا بد لهم منه ومن أهم الأمور عندهم وأيان مركبة من أى وآن وقرىء بكسر الهمزة والضمير للكفرة وإن كان عدم الشعور بما ذكر عاما لئلا يلزم التفكيك بينه وبين ما سيأتى من الضمائر الخاصة بهم قطعا وقيل الكل لمن وإسناد خواص الكفرة إلى الجميع من قبيل قولهم بنو فلان فعلوا كذا والفاعل بعض منهم (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) لما نفى عنهم علم الغيب وأكد ذلك بنفى شعورهم بوقت ما هو مصيرهم لا محالة بولغ فى تأكيده وتقريره بأن أضرب عنه وبين أنهم فى جهل أفحش من جهلهم بوقت بعثهم حيث لا يعلمون أحوال الآخرة مطلقا مع تعاضد أسباب معرفتها على أن معنى ادارك علمهم فى الآخرة تدارك وتتابع علمهم فى شأن الآخرة التى ما ذكر من البعث حال من أحوالها حتى انقطع ولم يبق لهم علم بشىء مما سيكون فيها قطعا لكن لا على معنى أنه