(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٨)
____________________________________
الْعَذابِ) أى فى الدنيا كالقتل والأسر يوم بدر (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أى أشد الناس خسرانا لفوات الثواب واستحقاق العقاب (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) كلام مستأنف قد سيق بعد بيان بعض شئون القرآن الكريم تمهيدا لما يعقبه من الأقاصيص وتصديره بحر فى التأكيد لإبراز كمال العناية بمضمونه أى لتؤتاه بطريق التلقية والتلقين (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) أى أى حكيم وأى عليم وفى تفخيمهما تفخيم لشأن القرآن وتنصيص على علو طبقته صلىاللهعليهوسلم فى معرفته والإحاطة بما فيه من الجلائل والدقائق فإن من تلقى العلوم والحكم من مثل ذلك الحكيم العليم يكون علما فى رصانة العلم والحكمة والجمع بينهما مع دخول العلم فى الحكمة لعموم العلم ودلالة الحكمة على إتقان الفعل وللإشعار بأن ما فى القرآن من العلوم منها ما هو حكمة كالعقائد والشرائع ومنها ما ليس كذلك كالقصص والأخبار الغيبية وقوله تعالى (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ) منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبى صلىاللهعليهوسلم وأمر بتلاوة بعض من القرآن الذى يلقاه صلىاللهعليهوسلم من لدنه عزوجل تقريرا لما قبله وتحقيقا له أى اذكر لهم وقت قوله عليه الصلاة والسلام لأهله فى وادى طوى وقد غشيتهم ظلمة الليل وقدح فأصلد زنده فبداله من جانب الطور نار (إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ) أى عن حال الطريق وقد كانوا ضلوه والسين للدلالة على نوع بعد فى المسافة وتأكيد الوعد والجمع إن صح أنه لم يكن معه عليه الصلاة والسلام إلا امرأته لما كنى عنها بالأهل أو للتعظيم مبالغة فى التسلية (أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ) بتنوينهما على أن الثانى بدل من الأول أو صفة له* لأنه بمعنى مقبوس أى بشعلة نار مقبوسة أى مأخوذة من أصلها وقرىء بالإضافة وعلى التقديرين فالمراد تعيين المقصود الذى هو القبس الجامع لمنفعتى الضياء والاصطلاء لأن من النار ما ليس بقبس كالجمر وكلتا العدتين منه عليه الصلاة والسلام بطريق الظن كما يفصح عن ذلك ما فى سورة طه من صيغة الترجى والترديد للإيذان بأنه إن لم يظفر بهما لم يعدم أحدهما بناء على ظاهر الأمر وثقة بسنة الله تعالى فإنه تعالى لا يكاد يجمع على عبده حرمانين (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) رجاء أن تستدفئوا بها والصلاء النار العظيمة (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ) من جانب الطور (أَنْ بُورِكَ) معناه أى بورك على أن أن مفسرة لما فى النداء من معنى القول أو بأن بورك على أنها مصدرية حذف عنها الجار جريا على القاعدة المستمرة وقيل مخففة من الثقيلة ولا ضير فى فقدان التعويض بلا أوقد أو السين أو سوف لما أن الدعاء يخالف غيره فى كثير من الأحكام (مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) أى من فى مكان النار وهى البقعة المباركة المذكورة فى قوله سبحانه (نُودِيَ مِنْ