(هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٥)
____________________________________
حال الكتابية وعكس فى سورة الحجر نظرا إلى ما ذكر هناك من الوجه وما قيل من أن الكتاب هو اللوح المحفوظ وإبانته أنه خط فيه ما هو كائن فهو يبينه للناظرين فيه لا يساعده إضافة الآيات إليه إذ لا عهد باشتماله على الايات ولا وصفه بالهداية والبشارة إذ هما باعتبار إبانته فلا بد من اعتبارها بالنسبة إلى الناس الذين من جملتهم المؤمنون لا إلى الناظرين فيه وقرىء وكتاب بالرفع على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أى وآيات كتاب مبين (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) فى حيز النصب على الحالية من الآيات على أنهما مصدران أقيما مقام الفاعل للمبالغة كأنهما نفس الهدى والبشارة والعامل معنى الإشارة أى هادية ومبشرة أو الرفع على أنهما بدلان من الآيات أو خبران آخران لتلك أو لمبتدأ محذوف ومعنى هدايتها لهم وهم مهتدون أنها تزيدهم هدى قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) وأما معنى تبشيرها إياهم فظاهر لأنها تبشرهم برحمة من الله ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم وقوله تعالى (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) صفة مادحة لهم وتخصيصهما بالذكر لأنهما قرينتا الإيمان وقطر العبادات البدنية والمالية مستتبعان لسائر الأعمال الصالحة وقوله تعالى (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) جملة اعتراضية كأنه قيل وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة حق الإيقان لا من عداهم لأن تحمل مشاق العبادات لخوف العقاب ورجاء الثواب أو هو من تتمة الصلة والواو حالية أو عاطفة له على الصلة الأولى وتغيير نظمه للدلالة على قوة يقينهم وثباته وأنهم ٤ أوحديون فيه (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) بيان لأحوال الكفرة بعد بيان أحوال المؤمنين أى لا يؤمنون بها وبما فيها من الثواب على الأعمال الصالحة والعقاب على السيئات حسبما ينطق به القرآن (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) القبيحة حيث جعلناها مشتهاة للطبع مجبوبة للنفس كما ينبىء عنه قوله صلىاللهعليهوسلم حفت النار بالشهوات أو الأعمال الحسنة ببيان حسنها فى أنفسها حالا واستتباعها لفنون المنافع مآلا وإضافتها إليهم باعتبار أمرهم بها وإيجابها عليهم (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) يتحيرون ويترددون على التجدد والاستمرار فى الاشتغال بها والانهماك فيها من غير ملاحظة لما يتبعها من نفع وضر أو فى الضلال والإعراض عنها والفاء على الاول لترتيب المسبب على السبب وعلى الثانى لترتيب ضد المسبب على السبب كما فى قولك ٥ وعظته فلم يتعظ وفيه إيذان بكمال عتوهم ومكابرتهم وتعكيسهم فى الأمور (أُوْلئِكَ) إشارة إلى المذكورين وهو مبتدأ خبره الموصول بعده أى أولئك الموصوفون بالكفر والعمه (الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ