(يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩) وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (٣٠)
____________________________________
عليا رضى الله عنه فقتله وقيل قتله عاصم بن ثابت الأنصارى وطعن صلىاللهعليهوسلم أبيا يوم أحد فى المبارزة فرجع* إلى مكة ومات وإما جنس الظالم وهو داخل فيه دخولا أوليا وقوله تعالى (يَقُولُ) الخ حال من فاعل يعض وقوله تعالى (يا لَيْتَنِي) الخ محكى به ويا إما لمجرد التنبيه من غير قصد إلى تعيين المنبه أو المنادى محذوف* أى يا هؤلاء ليتنى (اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) أى طريقا واحدا منجيا من هذه الورطات وهو طريق الحق ولم تتشعب بى طريق الضلالة أو حصلت فى صحبته صلىاللهعليهوسلم طريقا ولم أكن ضالا لا طريق لى قط (يا وَيْلَتى) بقلب ياء المتكلم ألفا كما فى صحارى ومدارى وقرىء على الأصل يا ويلتى أى هلكتى تعالى* واحضرى فهذا أوانك (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) يريد من أضله فى الدنيا فإن فلانا كناية عن الأعلام كما أن الهن كناية عن الأجناس وقيل فلان كناية عن علم ذكور من يعقل وفلانة عن علم إناثهم وفل كناية عن نكرة من يعقل من الذكور وفلة عمن يعقل من الإناث والفلان والفلانة من غير العاقل ويخص فل بالنداء إلا فى ضرورة كما فى قوله [فى لجة أمسك فلانا عن فل] وقوله [خذا حد ثانى عن فل وفلان] وليس فل مرخما من فلان خلافا للفراء واختلفوا فى لام فل وفلان فقيل واو وقيل ياء هذا فإن أريد بالظالم عقبة ففلان كناية عن أبى وإن أريد به الجنس فهو كناية عن علم كل من يضله كائنا من كان من شياطين الإنس والجن وهذا التمنى منه وإن كان مسوقا لإبراز الندم والحسرة لكنه متضمن لنوع تعلل واعتذار بتوريك جنايته إلى الغير وقوله تعالى (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) تعليل لتمنيه المذكور وتوضيح لتعلله وتصديره باللام القسمية للمبالغة فى بيان خطئه وإظهار ندمه وحسرته أى والله لقد أضلى عن ذكر* الله تعالى أو عن القرآن أو عن موعظة الرسول صلىاللهعليهوسلم أو كلمة الشهادة (بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) وتمكنت منه وقوله* تعالى (وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) أى مبالغا فى الخذلان حيث يواليه حتى يؤديه إلى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه اعتراض مقرر لمضمون ما قبله إما من جهته تعالى أو من تمام كلام الظالم على أنه سمى خليله شيطانا بعد وصفه بالإضلال الذى هو أخص الأوصاف الشيطانية أو على أنه أراد بالشيطان إبليس لأنه الذى حمله على مخالة المضلين ومخالفة الرسول الهادى صلىاللهعليهوسلم بوسوسته وإغوائه لكن وصفه بالخذلان يشعر بأنه كان يعده فى الدنيا ويمنيه بأنه ينفعه فى الآخرة وهو أوفق بحال إبليس (وَقالَ الرَّسُولُ) عطف على قوله تعالى (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) وما بينهما اعتراض مسوق لاستعظام ما قالوه وبيان ما يحيق بهم فى الآخرة من الأهوال والخطوب وإيراده صلىاللهعليهوسلم بعنوان الرسالة لتحقيق الحق والرد على نحورهم حيث كان ما حكى عنهم قدحا فى رسالته صلىاللهعليهوسلم أى قالوا كيت وكيت وقال الرسول إثر ما شاهد منهم غاية