(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (٢٧)
____________________________________
(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ) أى تتفتح وأصله تتشقق فحذفت إحدى التاءين كما فى تلظى وقرىء بإدغام التاء فى الشين (بِالْغَمامِ) بسبب طلوع الغمام منها وهو الغمام الذى ذكر فى قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) قيل هو غمام أبيض رقيق مثل الضبابة ولم يكن إلا لبنى إسرائيل (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) أى تنزيلا عجيبا غير معهود قيل تنشق سماء سماء وينزل الملائكة خلال ذلك الغمام بصحائف أعمال العباد وقرىء ونزلت الملائكة وننزل على صيغة المتكلم من الإنزال والتنزيل ونزل الملائكة وأنزل الملائكة ونزل الملائكة على حذف النون الذى هو فاء الفعل من تنزل (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) أى السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلى العام الثابت صورة ومعنى ظاهرا وباطنا بحيث لا زوال له أصلا ثابت للرحمن يومئذ فالملك مبتدأ والحق صفته وللرحمن خبره ويومئذ ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ وفائدة التقييد أن ثبوت الملك المذكور له تعالى خاصة يومئذ وأما فيما عداه من أيام الدنيا فيكون لغيره أيضا تصرف صورى فى الجملة وقيل الملك مبتدأ والحق خبره وللرحمن متعلق بالحق أو بمحذوف على التبيين أو بمحذوف هو صفة للحق ويومئذ معمول للملك وقيل الخبر يومئذ والحق نعت للملك وللرحمن على ما ذكر وأياما كان فالجملة بمعناها عاملة فى الظرف أى ينفرد الله تعالى بالملك يوم تشقق وقيل الظرف منصوب بما ذكر فالجملة حينئذ استئناف مسوق لبيان أحواله وأهواله وإيراده تعالى بعنوان الرحمانية للإيذان بأن اتصافه تعالى بغاية الرحمة لا يهون الخطب على الكفرة لعدم استحقاقهم للرحمة كما فى قوله تعالى (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) والمعنى أن الملك الحقيقى يومئذ للرحمن (وَكانَ) ذلك اليوم مع كون* الملك فيه لله تعالى المبالغ فى الرحمة لعباده (يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) شديدا لهم وتقديم الجار والمجرور* لمراعاة الفواصل وأما للمؤمنين فيكون يسيرا بفضل الله تعالى وقد جاء فى الحديث أنه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها فى الدنيا والجملة اعتراض تذييلى مقرر لما قبله (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) عض اليدين والأنامل وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من رواد فهما والمراد بالظالم إما عقبة بن أبى معيط على ما قيل من أنه كان يكثر مجالسة النبى صلىاللهعليهوسلم فدعاه صلىاللهعليهوسلم يوما إلى ضيافته فأبى صلىاللهعليهوسلم أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل وكان أبى بن خلف صديقه فعاتبه فقال صبأت فقال لا ولكن أبى أن يأكل من طعامى وهو فى بيتى فاستحييت منه فشهدت له فقال إنى لا أرضى منك إلا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق فى وجهه فوجده ساجدا فى دار الندوة ففعل ذلك فقال صلىاللهعليهوسلم لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف فأسر يوم بدر فأمر