من مال الكتابة ويكفى فى ذلك أقل ما يتمول وعن على رضى الله عنه حط الربع وعن ابن عباس رضى الله عنهما الثلث وهو للندب عندنا وعند الشافعى للوجوب ويرده قوله صلىاللهعليهوسلم المكاتب عبد ما بقى عليه درهم إذ لو وجب الحط لسقط عنه الباقى حتما وأيضا لو وجب الحط لكان وجوبه معلقا بالعقد فيكون العقد موجبا ومسقطا معا وأيضا فهو عقد معاوضة فلا يجبر على الحطيطة كالبيع وقيل معنى آتوهم أقرضوهم وقيل هو أمر لهم بأن ينفقوا عليهم بعد أن يؤدوا ويعتقوا وإضافة المال إليه تعالى ووصفه بإينائه إياهم للحث على الامتثال بالأمر بتحقيق المأمور به كما فى قوله تعالى (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) فإن ملاحظة وصول المال إليهم من جهته تعالى مع كونه هو المالك الحقيقى له من أقوى الدواعى إلى صرفه إلى الجهة المأمور بها وقيل هو أمر بإعطاء سهمهم من الصدقات فالأمر للوجوب حتما والإضافة والوصف لتعيين المأخذ وقيل هو أمر ندب لعامة المسلمين بإعانة المكاتبين بالتصدق عليهم ويحل ذلك للمولى وإن كان غنيا لتبدل العنوان حسبما ينطق به قوله صلىاللهعليهوسلم فى حديث بريرة هو لها صدقة ولنا هدية (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) * أى إماءكم فإن كلا من الفتى والفتاة كناية مشهورة عن العبد والأمة وعلى ذلك مبنى قوله صلىاللهعليهوسلم ليقل أحدكم فتاى وفتاتى ولا يقل عبدى وأمتى ولهذه العبارة فى هذا المقام باعتبار مفهومها الأصلى حسن موقع ومزيد مناسبة لقوله تعالى (عَلَى الْبِغاءِ) وهو الزنا من حيث صدوره عن النساء لأنهن اللاتى يتوقع منهن* ذلك غالبا دون من عداهن من العجائز والصغائر وقوله تعالى (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ليس لتخصيص النهى* بصورة إرادتهن التعفف عن الزنا وإخراج ما عداها من حكمه كما إذا كان الاكراه بسبب كراهتهن الزنا لخصوص الزانى أو لخصوص الزمان أو لخصوص المكان أو لغير ذلك من الأمور المصححة للإكراه فى الجملة بل للمحافظة على عادتهم المستمرة حيث كانوا يكرهونهن على البغاء وهن يردن التعفف عنه مع وفور شهوتهن الآمرة بالفجور وقصورهن فى معرفة الأمور الداعية إلى المحاسن الزاجرة عن تعاطى القبائح فإن عبد الله بن أبى كانت له ست جوار يكرههن على الزنا وضرب عليهن ضرائب فشكت اثنتان منهن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت وفيه من زيادة تقبيح حالهم وتشنيعهم على ما كانوا عليه من القبائح ما لا يخفى فإن من له أدنى مروءة لا يكاد يرضى بفجور من يحويه حرمه من إمائه فضلا عن أمرهن به أو إكراههن عليه لا سيما عند إرادتهن التعفف فتأمل ودع عنك ما قيل من أن ذلك لأن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن وما قيل من أنه إن جعل شرطا للنهى لا يلزم من عدمه جواز الإكراه لجواز أن يكون ارتفاع النهى لامتناع المنهى عنه فإنهما بمعزل من التحقيق وإيثار كلمة إن على إذا مع تحقق الإرادة فى مورد النص حتما للإيذان بوجوب الانتهاء عن الإكراه عند كون إرادة التحصن فى حين التردد والشك فكيف إذا كانت محققة الوقوع كما هو الواقع وتعليله بأن الإرادة المذكورة منهن فى حين الشاذ النادر مع خلوه عن الجدوى بالكلية يأباه اعتبار تحققها إباء ظاهرا وقوله تعالى (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) قيد للإكراه* لكن لا باعتبار أنه مدار للنهى عنه بل باعتبار أنه المعتاد فيما بينهم كما قبله جىء به تشنيعا لهم فيما هم عليه من احتمال الوزر الكبير لأجل النزر الحقير أى لا تفعلوا ما أنتم عليه من إكراههن على البغاء لطلب المتاع السريع الزوال الوشيك الاضمحلال فالمراد بالابتغاء الطلب المقارن لنيل المطلوب واستيفائه بالفعل إذ