(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢٣)
____________________________________
تعالى (مِنْ أَحَدٍ) زائدة وأحد فى حين الرفع على الفاعلية على القراءة الأولى وفى محل النصب على المفعولية على القراءة الثانية (أَبَداً) لا إلى نهاية (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي) يطهر (مَنْ يَشاءُ) من عباده بإضافة آثار فضله ورحمته عليه وحمله على التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم (وَاللهُ سَمِيعٌ) مبالغ فى سمع الأقوال التى من جملتها ما أظهروه من التوبة (عَلِيمٌ) بجميع المعلومات التى من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الإخلاص فى التوبة وإظهار الاسم الجليل للإيذان باستدعاء الألوهية للسمع والعلم مع ما فيه من تأكيد استقلال الاعتراض التذييلى (وَلا يَأْتَلِ) أى لا يحلف افتعال من الالية وقيل لا يقصر من الألو والأول هو الأظهر لنزوله فى شأن الصديق رضى الله عنه حين حلف أن لا ينفق على مسطح بعد وكان ينفق عليه لكونه ابن خالته وكان من فقراء المهاجرين ويعضده قراءة من قرأ ولا يتأل (أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) فى الدين وكفى به دليلا على فضل الصديق رضى الله تعالى عنه (وَالسَّعَةِ) فى المال (أَنْ يُؤْتُوا) أى على أن لا يؤتوا وقرىء بتاء الخطاب على الالتفات (أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ) صفات لموصوف واحد جىء بها بطريق العطف تنبيها على أن كلا منها علة مستقلة لاستحقاقه الإيتاء وقيل لموصوفات أقيمت هى مقامها وحذف المفعول الثانى لغاية ظهوره أى على أن لا يؤتوهم شيئا (وَلْيَعْفُوا) ما فرط منهم (وَلْيَصْفَحُوا) بالإغضاء عنه وقد قرىء الأمران بتاء الخطاب على وفق قوله تعالى (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) أى بمقابلة عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مبالغ فى المغفرة والرحمة مع كمال قدرته على المؤاخذة وكثرة ذنوب الداعية إليها وفيه ترغيب عظيم فى العفو ووعد كريم بمقابلته كأنه قيل ألا تحبون أن يغفر الله لكم فهذا من موجباته روى أنه صلىاللهعليهوسلم قرأها على أبى بكر رضى الله عنه فقال بلى أحب أن يغفر الله لى فرجع إلى مسطح نفقته وقال والله لا أنزعها أبدا (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) أى العفائف مما رمين به من الفاحشة (الْغافِلاتِ) عنها على الإطلاق بحث لم يخطر ببالهن شىء منها ولا من مقدماتها أصلا ففيها من الدلالة على كمال النزاهة ما ليس فى المحصنات أى السليمات الصدور التقيات القلوب عن كل سوء (الْمُؤْمِناتِ) أى المتصفات بالإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به من الواجبات والمحظوات وغيرها إيمانا حقيقيا تفصيليا كما ينبىء عنه تأخير المؤمنات عما قبلها مع أصالة وصف الإيمان فإنه للإيذان بأن المراد بها المعنى الوصفى المعرب عما ذكر لا المعنى الاسمى المصحح لإطلاق الاسم فى الجملة كما هو المتبادر على تقدير التقديم والمراد بها عائشة الصديقة رضى الله عنها والجمع باعتبار