(قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) (١١٧)
____________________________________
(قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) استقصارا لمدة لبثهم فيها (فَسْئَلِ الْعادِّينَ) أى المتمكنين من العد فإنما بما دهمنا من العذاب بمعزل من ذلك أو الملائكة العادين لأعمار العباد وأعمالهم وقرىء العادين بالتخفيف أى المعتدين فإنهم أيضا يقولون ما نقول كأنهم الأتباع يسمون الرؤساء بذلك لظلمهم إياهم بإضلالهم وقرىء العاديين أى القدماء المعمرين فإنهم أيضا يستقصرون مدة لبثهم (قالَ) أى الله تعالى أو الملك وقرىء قل كما سبق (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) تصديقا لهم فى ذلك (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أى تعلمون شيئا أو لو كنتم من أهل العلم والجواب محذوف ثقة بدلالة ما سبق عليه أى لعلمتم يومئذ قلة لبثكم فيها كما علمتم اليوم ولعملتم بموجبه ولم تخلدوا إليها (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) أى ألم تعلموا شيئا فحسبتم أنما خلقناكم بغير حكمة بالغة حتى أنكرتم البعث فعبثا حال من نون العظمة أى عابثين أو مفعول له أى أنما خلقناكم للعبث (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) عطف على أنما فإن خلقكم بغير بعث من قبيل العبث وإنما خلقناكم لنعيدكم ونجازيكم على أعمالكم وقرىء ترجعون بفتح التاء من الرجوع (فَتَعالَى اللهُ) استعظام له تعالى ولشئونه التى تصرف عليها عباده من البدء والإعادة والإثابة والعقاب بموجب الحكمة البالغة أى ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأحواله وأفعاله وعن خلو أفعاله عن الحكم والمصالح والغايات الحميدة (الْمَلِكُ الْحَقُّ) الذى يحق له الملك على الإطلاق إيجادا وإعداما بدءا وإعادة إحياء وإماتة عقابا وإثابة وكل ما سواه مملوك له مقهور تحت ملكوته (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فإن كل ما عداه عبيده (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) فكيف بما تحته ومحاط به من الموجودات كائنا ما كان ووصفه بالكرم إما لأنه منه ينزل الوحى الذى منه القرآن الكريم أو الخير والبركة والرحمة أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين وقرىء الكريم بالرفع على أنه صفة الرب كما فى قوله تعالى (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) يعبده إفرادا أو إشراكا (لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) صفة لازمة لإلها كقوله تعالى (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) جىء بها للتأكيد وبناء الحكم عليه تنبيها على أن التدين بما لا دليل عليه باطل فكيف بما شهدت بديهة العقول بخلافه أو اعتراض بين الشرط والجزاء كقولك من