(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧) قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١) قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) (١١٢)
____________________________________
(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) أى أخرجنا من النار وارجعنا إلى الدنيا فإن عدنا بعد ذلك إلى ما كنا عليه من الكفر والمعاصى فإنا متجاوزون الحد فى الظلم ولو كان اعتقادهم أنهم مجبورون على ما صدر عنهم لما سألوا الرجعة إلى الدنيا ولما وعدوا الإيمان والطاعة بل قولهم فإن عدنا صريح فى أنهم حينئذ على الإيمان والطاعة وإنما الموعود على تقدير الرجعة إلى الدنيا الثبات عليهما لا إحدائهما (قالَ اخْسَؤُا فِيها) أى اسكتوا فى النار سكوت هوان وذلوا وانزجروا انزجار الكلاب إذا زجرت من خسأت الكلب إذا زجرته فخسأ أى انزجر (وَلا تُكَلِّمُونِ) أى باستدعاء الإخراج من النار والرجع إلى الدنيا وقيل لا تكلمون فى رفع العذاب ويرده التعليل الآتى وقيل لا تكلمون رأسا وهو آخر كلام يتكلمون به ثم لا كلام بعد ذلك إلا الشهيق والزفير والعواء كعواء الكلب لا يفهمون ولا يفهمون ويرده الخطابات الآتية قطعا وقوله تعالى (إِنَّهُ) تعليل لما قبله من الزجر عن الدعاء أى إن الشأن وقرىء بالفتح أى لأن الشأن (كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي) وهم المؤمنون وقيل هم الصحابة وقيل أهل الصفة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين (يَقُولُونَ) فى الدنيا (رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) أى اسكتوا عن الدعاء بقولكم ربنا الخ لأنكم كنتم تستهزئون بالداعين بقولهم ربنا آمنا الخ وتتشاغلون باستهزائهم (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ) أى الاستهزاء بهم (ذِكْرِي) من فرط اشتغالكم باستهزائهم (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) وذلك غاية الاستهزاء وقوله تعالى (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ) استئناف لبيان حسن حالهم وأنهم انتفعوا بما آذوهم (بِما صَبَرُوا) بسبب صبرهم على أذيتكم وقوله تعالى (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) ثانى مفعولى الجزاء أى جزبتهم فوزهم بمجامع مراداتهم مخصوصين به وقرىء بكسر الهمزة على أنه تعليل للجزاء وبيان لكونه فى غاية ما يكون من الحسن (قالَ) أى الله عزوجل أو الملك المأمور بذلك تذكيرا لما لبثوا فيما سألوا الرجوع إليه من الدنيا بعد التنبيه على استحالته بقوله اخسئوا فيها الخ وقرىء قل على الأمر للملك (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ) التى تدعون أن ترجعوا إليها (عَدَدَ سِنِينَ) تمييز لكم.