(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) (٣٢)
____________________________________
* تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم (وَأَهْلَكَ) منصوب بفعل معطوف على فاسلك لا بالعطف على زوجين أو اثنين على القراءتين لأدائه إلى اختلال المعنى أى واسلك أهلك والمراد به امرأته وبنوه وتأخير الأمر بإدخالهم عما ذكر من إدخال الأزواج فيها لكونه عريقا فيما أمر به من الإدخال فإنه محتاج إلى مزاولة الأعمال منه عليهالسلام بل إلى معاونة من أهله وأتباعه وأماهم فإنما يدخلونها باختيارهم بعد ذلك ولأن فى المؤخر ضرب تفصيل بذكر الاستثناء وغيره فتقديمه يؤدى إلى الإخلال بتجاوب أطراف* النظم الكريم (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ) أى القول بإهلاك الكفرة وإنما جىء بعلى لكون السابق ضارا كما جىء باللام فى قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) لكونه نافعا (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) بالدعاء لإنجائهم (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) تعليل للنهى أو لما ينبىء عنه من عدم قبول الدعاء أى إنهم مقضى عليهم بالإغراق لا محالة لظلمهم بالإشراك وسائر المعاصى ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه كيف لا وقد أمر بالحمد على النجاة منهم بهلاكهم بقوله تعالى (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ) أى من أهلك وأشياعك (عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) على طريقة قوله تعالى (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي) فى السفينة أو منها (مُنْزَلاً مُبارَكاً) أى إنزالا أو موضع إنزال يستتبع خيرا كثيرا وقرىء منزلا أى موضع نزول (وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) أمر عليهالسلام بأن يشفع دعاءه بما يطابقه من ثنائه عزوجل توسلا به إلى الإجابة وإفراده عليهالسلام بالأمر مع شركة الكل فى الاستواء والنجاة لإظهار فضله عليهالسلام والإشعار بأن فى دعائه وثنائه مندوحة عما عداه (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذى ذكر مما فعل به عليهالسلام وبقومه (لَآياتٍ) جليلة يستدل بها أولو الأبصار ويعتبر بها ذو والاعتبار (وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) إن مخففة من أن واللام فارقة بينها وبين النافية وضمير الشأن محذوف أى وإن الشأن كنا مصيبين قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد أو مختبرين بهذه الآيات عبادنا لننظر من يعتبر ويتذكر كقوله تعالى (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) أى من بعد إهلاكهم (قَرْناً آخَرِينَ) هم عاد حسبما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما وعليه أكثر المفسرين وهو الأوفق لما هو المعهود فى سائر السور الكريمة من إيراد قصتهم إثر قصة قوم نوح وقيل هم ثمود (فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ) جعلوا