(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) (٣٥)
____________________________________
موضعا للإرسال كما فى قوله تعالى (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ) ونحوه لا غاية له كما فى مثل قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) للإيذان من أول الأمر بأن من أرسل إليهم لم يأتهم من غير مكانهم بل إنما نشأ فيما بين أظهرهم كما ينبىء عنه قوله تعالى (رَسُولاً مِنْهُمْ) أى من جملتهم نسبا فإنهما عليهماالسلام كانا منهم* وأن فى قوله تعالى (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) مفسرة لأرسلنا لتضمنه معنى القول أى قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله تعالى وقوله تعالى (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) تعليل للعبادة المأمورة بها أو للأمر بها أو لوجوب الامتثال به (أَفَلا تَتَّقُونَ) أى عذابه الذى يستدعيه ما أنتم عليه من الشرك والمعاصى والكلام فى العطف* كالذى مر فى قصة نوحعليهالسلام (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) حكاية لقولهم الباطل إثر حكاية القول الحق الذى ينطق به حكاية إرسال الرسول بطريق العطف على أن المراد حكاية مطلق تكذيبهم له عليهالسلام إجمالا لا حكاية ما جرى بينه عليهالسلام وبينهم من المحاورة والمقاولة تفصيلا حتى يحكى بطريق الاستئناف المبنى على السؤال كما ينبىء عنه ما سيأتى من حكاية سائر الأمم أى وقال الأشراف من قومه (الَّذِينَ كَفَرُوا) فى محل الرفع على أنه صفة للملأ وصفوا بذلك ذما لهم وتنبيها على غلوهم فى الكفر وتأخيره عن من قومه لعطف قوله تعالى (وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) وما عطف عليه على الصلة الأولى أى كذبوا بلقاء* ما فيها من الحساب والثواب والعقاب أو بمعادهم إلى الحياة الثانية بالبعث (وَأَتْرَفْناهُمْ) ونعمناهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بكثرة الأموال والأولاد أى قالوا لأعقابهم مضلين لهم (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أى فى الصفات والأحوال وإيثار مثلكم على مثلنا للمبالغة فى تهوين أمره عليهالسلام وتوهينه (يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) تقرير للمماثلة وما خبرية والعائد إلى الثانى منصوب محذوف أو مجرور قد حذف مع الجار لدلالة ما قبله عليه (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ) أى فيما ذكر من الأحوال والصفات أى إن امتثلتم بأوامره (إِنَّكُمْ إِذاً) أى على تقدير الاتباع (لَخاسِرُونَ) عقولكم ومغبونون فى آرائكم حيث أذللتم أنفسكم انظر كيف جعلوا اتباع الرسول الحق الذى يوصلهم إلى سعادة الدارين خسرانا دون عبادة الأصنام التى لا خسران وراءها قاتلهم الله أنى يؤفكون وإذا وقع بين اسم إن وخبرها لتأكيد مضمون الشرط والجملة جواب لقسم محذوف قبل إن الشرطية المصدرة باللام الموطئة أى وبالله لئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون (أَيَعِدُكُمْ) استئناف مسوق لتقرير ما قبله من زجرهم عن اتباعه عليهالسلام بإنكار وقوع ما يدعوهم إلى الإيمان به واستبعاده (أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ) بكسر الميم من مات يموت وقرىء بضمها من مات