(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) (٧)
____________________________________
* (مُعْرِضُونَ) أى فى عامة أوقاتهم كما ينبىء عنه الاسم الدال على الاستمرار فيدخل فى ذلك إعراضهم عنه حال اشتغالهم بالصلاة دخولا أوليا ومدار إعراضهم عنه ما فيه من الحالة الداعية إلى الإعراض عنه لا مجرد الاشتغال بالجد فى أمور الدين كما قيل فإن ذلك ربما يوهم أن لا يكون فى اللغو نفسه ما يزجرهم عن تعاطيه وهو أبلغ من أن يقال لا يلهون من وجوه جعل الجملة اسمية وبناء الحكم على الضمير والتعبير عنه بالاسم وتقديم الصلة عليه وإقامة الإعراض مقام الترك ليدل على تباعدهم عنه رأسا مباشرة وتسببا وميلا وحضورا فإن أصله أن يكون فى عرض غير عرضه (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) وصفهم بذلك بعد وصفهم بالخشوع فى الصلاة للدلالة على أنهم بلغوا الغاية القاصية من القيام بالطاعات البدنية والمالية والتجنب عن المحرمات وسائر ما يوجب المروءة اجتنابه وتوسيط حديث الإعراض بينهما لكمال ملابسته بالخشوع فى الصلاة والزكاة مصدر لأنه الأمر الصادر عن الفاعل لا المحل الذى هو موقعه ومعنى الفعل قد مر تحقيقه فى تفسير قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) ويجوز أن يراد بها العين على تقدير المضاف (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) ممسكون لها فالاستثناء فى قوله تعالى (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) من نفى الإرسال الذى ينبىء عنه الحفظ أى لا يرسلونها على أحد إلا على أزواجهم وفيه إيذان بأن قوتهم الشهوية داعية لهم إلى ما لا يخفى وأنهم حافظون لها من استيفاء مقتضاها وبذلك يتحقق كمال العفة ويجوز أن تكون على بمعنى من وإليه ذهب الفراء كما فى قوله تعالى (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ) أى حافظون لها من كل أحد إلا من أزواجهم وقيل هى متعلقة بمحذوف وقع حالا من ضمير حافظون أى حافظون لها فى جميع الأحوال إلا حال كونهم والين أو قوامين على أزواجهم وقيل بمحذوف يدل عليه غير ملومين كأنه قيل يلامون على كل مباشر إلا على ما أطلق لهم فإنهم غير ملومين وحمل الحفظ على القصر عليهن ليكون المعنى حافظون فروجهم* على الأزواج لا يتعداهن ثم يقال غير حافظين إلا عليهن تأكيدا على تأكيد تكلف على تكلف (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) أى سراريهم عبر عنهن بما إجراء لهن لمملوكيتهن مجرى غير العقلاء أو لأنوثتهن المنبئة* عن القصور وقوله تعالى (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) تعليل لما يفيده الاستثناء من عدم حفظ فروجهم منهن أى فإنهم غير ملومين على عدم حفظها منهن (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) الذى ذكر من الحد المتسع وهو أربع من الحرائر وما شاء من الإماء (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) الكاملون فى العدوان المتناهون فيه وليس فيه ما يدل حتما على تحريم المتعة حسبما نقل عن القاسم بن محمد فإنه قال إنها ليست زوجة له فوجب أن لا تحل له أما