والعود إلى الألفة والاجتماع بعدما لم يكن طريق سواه. وبالجملة : فلم يقصدوا إلا الخير والصلاح في الدين. وأما اليوم ، فلا معنى لبسط اللسان فيهم إلا التهاون بنقلة الدين ، الباذلين أنفسهم وأموالهم في نصرته».
نعم ، كانت لارتفاع التباين والعود إلى ... ولكنها تقتضي مدافعة الطرف الآخر ولو بإراقة دمه واستباحته ، لإقامته على المنكر والباطل ، فهذا يبرهن على المباينة في سيرتهم وأقوالهم ودعوتهم.
وعلى تقدير وجود قصد الصلاح في الدين في كل من الطرفين ، فهذا لا يبرر اتباع الطرف المقيم على المنكر والباطل ، ومجرد حسن النية ـ على تقدير التسليم به ـ لا يدلل على سلامة النهج ، ولا يرفع التباين بين السيرتين والقولين ـ وقد أقر بذلك ـ ، فكيف يتصف بالحجية كلا الطرفين المتباينين وهو ممتنع ، فلا بد من الفحص عن المحق الهادي إلى سواء السبيل ، قال تعالى (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (١).
وبعبارة أخرى : إن حجية أقوال وأفعال الصحابة أو الثلة منهم ، إما أن تكون من باب الإمامة المنصوصة من الله ورسوله ، ومن الواضح أنه مع التباين بينهم لا يمكن أن يكون كلا الطرفين منصوص عليه بالإمامة ..
وإما من باب حجية قول المجتهد وفتواه ، لكونه من أهل الخبرة ، فمن الواضح أيضا أنه مع الاختلاف والتقاطع لا بد من اتباع الأعلم والواجد للشرائط المؤهلة ـ وبنحو الوفور التام ـ دون غيره ..
وإما من باب حجية المخبر في أخباره ، أي حجية رواية الراوي
__________________
(١) سورة يونس ١٠ : ٣٥.