وإما إلى تورطهم في شباك مثل هذه الأحاديث الآحاد في قبال الشواهد التاريخية القطعية والأحاديث المتواترة الأخرى ، مضافا إلى الدأب على الجري على معتقد الآباء!
والمهم : التنبيه على عدم تلاءم تعليلاتهم المختلفة لحجية قول الشيخين ، أو الثلاثة ، ولا تفسيراتهم ، لمخالفاتهم لأوامر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سواء في حياته أو بعدها ، إذ كونهما ذوا امتيازات للإمامة العهدية الإلهية ، لا يلتئم مع تعليلهم أنهما مجتهدان بحسب ما توصل إليه ، وأن لهما التأول في خطابات القرآن والسنة ، وأن فعلهما وقولهما حجة لأنه يكشف عن اطلاعهم على قول أو فعل للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم نطلع عليه ولم يصل إلينا.
ثم إنه كيف يجمعون بين مسألة حجية قول الصحابة وفعلهم ، وبين مسألة حرمة التفتيش عن أحوال الصحابة والفتن التي وقعت بينهم والمقاتلة وترك الخوض فيها؟!
فإن هذه الحرمة وهذا المنع يتدافع مع الحجية من جهات عديدة ، ويتناقض ويتقاطع معها بأي معنى كان من معاني الحجية بني عليه! ولتبيين هذا التدافع ، تأمل الاعتقاد برسالة النبي الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم وقوله تعالى : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (١) فإنه قد جهد المسلمون جهدهم في استقصاء أفعاله وأقواله ، وسيرته وغزواته ، وحركاته وسكناته ، وصلحه وحربه ، ومودته مع من ، وعدائه مع من ، ورحمه وأهله وعشيرته وولده وزوجاته ، واحتجاجاته ، وصفاته ، وكل صغيرة وكبيرة مرتبطة بوجوده الشريف صلىاللهعليهوآلهوسلم .. كل ذلك لتقام الحجة في أقواله وأفعاله ،
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٢١.