(وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣)
____________________________________
لهم ولاستعدادهم فكأن ذلك أمر مطلوب منهم والفاء لترتيب الأمر بالسياحة وما يعقبه على ما تؤذن به البراءة المذكورة من الحراب على أن الأول مترتب على نفسه والثانى بكلا متعلقيه على عنوان كونه من الله العزيز لا لترتيب الأول عليه والثانى على الأول كما فى قوله تعالى (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) الخ كأنه قيل هذه براءة موجبة لقتالكم فاسعوا فى تحصيل العدد والأسباب وبالغوا فى إعتاد العتاد من كل باب (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ) بسياحتكم فى أقطار الأرض فى العرض والطول وإن ركبتم متن* كل صعب وذلول (غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) أى لا تفوتونه بالهرب والتحصن (وَأَنَّ اللهَ) وضع الاسم الجليل* موضع المضمر لتربية المهابة وتهويل أمر الإخزاء وهو الإذلال بما فيه فضيحة وعار (مُخْزِي الْكافِرِينَ) * أى مخزيكم ومذلكم فى الدنيا بالقتل والأسر وفى الآخرة بالعذاب وإيثار الإظهار على الإضمار لذمهم بالكفر بعد وصفهم بالإشراك وللإشعار بأن علة الإخزاء هى كفرهم ويجوز أن يكون المراد جنس الكافرين فيدخل فيه المخاطبون دخولا أوليا والمراد بالأشهر الأربعة هى الأشهر الحرم التى علق القتال بانسلاخها فقيل هى شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم وقيل هى عشرون من ذى الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الآخر وجعلت حرما لحرمة قتالهم فيها أو لتغليب ذى الحجة والمحرم على البقية وقيل من عشر ذى القعدة إلى عشر من شهر ربيع الأول لأن الحج فى تلك السنة كان فى ذلك الوقت للنسىء الذى كان فيهم ثم صار فى العام القابل فى ذى الحجة وذلك قوله صلىاللهعليهوسلم إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض. روى أنه صلىاللهعليهوسلم أمر أبا بكر رضى الله تعالى عنه على موسم سنة تسع ثم أتبعه عليا رضى الله تعالى عنه على العضباء ليقرأها على أهل الموسم فقيل له صلىاللهعليهوسلم لو بعثت بها إلى أبى بكر فقال صلىاللهعليهوسلم لا يؤدى عنى إلا رجل منى وذلك لأن عادة العرب أن لا يتولى أمر العهد والنقض على القبيلة إلا رجل منها فلما دنا على سمع أبو بكر الرغاء فوقف فقال هذا رغاء ناقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلما لحقه قال أمير أو مأمور قال مأمور فمضيا فلما كان قبل يوم التروية خطب أبو بكر رضى الله عنه وحدثهم عن مناسكهم وقام على رضى الله عنه يوم النحر عند جمرة العقبة فقال يأيها الناس إنى رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليكم فقالوا بماذا فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية ثم قال أمرت بأربع أن لا يقرب البيت بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة وأن يتم إلى كل ذى عهد عهده (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) أى إعلام منهما فعال بمعنى الإفعال كالعطاء بمعنى الإعطاء ورفعه كرفع براءة والجملة معطوفة على مثلها وإنما قيل (إِلَى النَّاسِ) أى كافة لأن الأذان غير مختص بقوم دون آخرين كالبراءة الخاصة*