(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) (٣١)
____________________________________
شعف البعير إذا هنأه فأحرقه بالقطران وعن الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما الشغف الحب القاتل والشعف حب دون ذلك وكان الشعبى يقول الشغف حب والشعف جنون والجملة خبر ثان أو حال من فاعل تراود أو من مفعوله وأيا ما كان فهو تكرير للوم وتأكيد للعذل ببيان اختلال أحوالها القلبية كأحوالها القالبية وجعلها تعليلا لدوام المراودة من حيث الإنية مصير إلى الاستدلال على الأجلى بالأخفى ومن حيث اللمية ميل إلى تمهيد العذر من قبلها ولسن بذلك المقام وانتصاب حبا على التمييز لنقله عن الفاعلية إذ الأصل قد شغفها حبه كما أشير إليه (إِنَّا لَنَراها) أى نعلمها علما متاخما للمشاهدة والعيان فيما* صنعت من المراودة والمحبة المفرطة مستقرة (فِي ضَلالٍ) عن طريق الرشد والصواب أو عن سنن العقل* (مُبِينٍ) واضح لا يخفى كونه ضلالا على أحد أو مظهر لأمرها بين الناس فالجملة مقررة لمضمون الجملتين* السابقتين المسوقتين للوم والتشنيع وتسجيل عليها بأنها فى أمرها على خطأ عظيم وإنما لم يقلن إنها لفى ضلال مبين إشعارا بأن ذلك الحكم غير صادر عنهن مجازفة بل عن علم ورأى مع التلويح بأنهن متنزهات عن أمثال ما هى عليه (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ) باغتيابهن وسوء قالنهن وقولهن امرأة العزيز عشقت عبدها الكنعانى وهو مقتها وتسميته مكرا لكونه خفية منها كمكر الماكر وإن كان ظاهرا لغيرها وقيل استكتمتهن سرها فأفشينه عليها وقيل إنما قلن ذلك لتربهن يوسف عليهالسلام (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ) تدعوهن قيل دعت* أربعين امرأة منهن الخمس المذكورات (وَأَعْتَدَتْ) أى أحضرت وهيأت (لَهُنَّ مُتَّكَأً) أى ما يتكئن* عليه من النمارق والوسائد أو رتبت لهن مجلس طعام وشراب لأنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب والحديث كعادة المترفين ولذلك نهى الرجل أن يأكل متكئا وقيل متكأ طعاما من قولهم اتكأنا عند فلان أى طعمنا قال جميل[فظللنا بنعمة واتكأنا * وشربنا الحلال من قلله] وعن مجاهد متكأ طعاما يحز حزا كأن المعنى يعتمد بالسكين عند القطع لأن القاطع يتكىء على المقطوع بالسكين وقرىء بغير همز وقرىء بالمد بإشباع حركة الكاف كمنتزاح فى منتزح وينباع فى ينبع وقرأ متكأ وهو الأنرج وأنشدوا[وأهدت متكة لبنى أبيها * تخب بها العثمثمة الوقاح] أو ما يقطع من متك الشىء إذا بتكه ومتكأ من تكى إذا اتكى (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) لنستعمله فى قطع ما يعهد قطعه مما قدم بين أيديهن وقرب إليهن* من اللحوم والفواكه ونحوها وهن متكئات وغرضها من ذلك ما سيقع من تقطيع أيديهن (وَقالَتِ) * ليوسف وهن مشغولات بمعالجة السكاكين وإعمالها فيما بأيديهن من الفواكه وأضرابها والعطف بالواو ربما يشير إلى أن قولها (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ) أى ابرز لهن لم يكن عقيب ترتيب أمورهن ليتم غرضها من استغفالهن* (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ) عطف على مقدر يستدعيه الأمر بالخروج وينسحب عليه الكلام أى فخرج عليهن فرأينه