(قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) (٩٣)
____________________________________
* السبعة أو إلى العشرة لهم وهم ألوف مؤلفة مما لا يكاد يتوهم وقد أيد ذلك بقوله عزوجل (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) مكرم محترم حتى نمتنع من رجمك وإنما نكف عنه للمحافظة على حرمة رهطك الذين ثبتوا على ديننا ولم يختاروك علينا ولم يتبعوك دوننا وإيلاء الضمير حرف النفى وإن لم يكن الخبر فعليا غير خال عن الدلالة على رجوع النفى إلى الفاعل دون الفعل لا سيما مع قرينة قوله (وَلَوْ لا رَهْطُكَ) كأنه قيل وما أنت علينا بعزيز بل رهطك هم الأعزة علينا وحيث كان غرضهم من عظيمتهم هذه عائدا إلى نفى ما فيه عليهالسلام من القوة والعزة الربانيتين حسبما يوجبه كونه على بينة من ربه مؤيدا من عنده ويقتضيه قضية طلب التوفيق منه والتوكل عليه والإنابة إليه وإلى إسقاط ذلك كله عن درجة الاعتداد به والاعتبار (قالَ) عليهالسلام فى جوابهم (يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) فإن الاستهانة بمن لا يتعزز إلا به عزوجل استهانة بجنابه العزيز وإنما أنكر عليهم أعزية رهطه منه تعالى مع أن ما أثبتوه إنما هو مطلق عزة رهطه لا أعزبتهم منه عزوجل مع الاشتراك فى أصل العزة لتثنية التقريع وتكرير التوبيخ حيث أنكر عليهم أولا ترجيح جنبة الرهط على جنبة الله تعالى وثانيا بنفى العزة بالمرة والمعنى (أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) فإنه مما لا يكاد يصح والحال إنكم لم تجعلوا له تعالى حظا من العزة أصلا (وَاتَّخَذْتُمُوهُ) بسبب* عدم اعتدادكم بمن لا يرد ولا يصدر إلا بأمره (وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) أى شيئا منبوذا وراء الظهر منسيا لا يبالى* به منسوب إلى الظهر والكسر لتغيير النسب كالأمسى فى النسبة إلى الأمس (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ) من* الأعمال السيئة التى من جملتها عدم مراعاتكم لجانبه (مُحِيطٌ) لا يخفى عليه منها خافية وإن جعلتموه منسيا فيجازيكم عليها ويحتمل أن يكون الإنكار للرد والتكذيب فإنهم لما ادعوا أنهم لا يكفون عن رجمه عليهالسلام لقوته وعزته بل لمراعاة جانب رهطه رد عليهم ذلك بأنكم ما قدرتم الله حق قدره العزيز ولم تراعوا جنابه القوى فكيف تراعون جانب رهطى الأذلة (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا) لما رأى عليهالسلام إصرارهم على الكفر وأنهم لا يرعوون عماهم عليه من المعاصى حتى اجترءوا على العظيمة التى هى الاستهانة به* والعزيمة على رجمه لولا حرمة رهطه قال لهم على طريقة التهديد اعملوا (عَلى مَكانَتِكُمْ) أى على غاية تمكنكم واستطاعتكم يقال مكن مكانه إذا تمكن أبلغ التمكن وإنما قاله عليهالسلام ردا لما ادعوا أنهم أقوياء قادرون على رجمه وأنه ضعيف فيما بينهم لا عزة له أو على ناحيتكم وجهتكم التى أنتم عليها من قولهم مكان ومكانة كمقام ومقامة والمعنى اثبتوا على ما أنتم عليه من الكفر والمشاقة لى وسائر ما أنتم عليه مما لا خير