(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٦٨)
____________________________________
ظنونهم واعمالهم المبنية عليها وما إما نافية وشركاء مفعول يتبع ومفعول يدعون محذوف لظهوره أى ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء فى الحقيقة وإن سموها شركاء فاقتصر على أحدهما لظهور دلالته على الآخر ويجوز أن يكون المذكور مفعول يدعون ويكون مفعول يتبع محذوفا لانفهامه من* قوله تعالى (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) أى ما يتبعون يقينا إنما يتبعون ظنهم الباطل وإما موصولة معطوفة على من كأنه قيل ولله ما يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء أى وله شركاؤهم وتخصيصهم بالذكر مع دخولهم فيما سبق عبارة أو دلالة للمبالغة فى بيان بطلان اتباعهم وفساد ما بنوه عليه من ظنهم شركاءهم معبودين مع كونهم عبيدا له سبحانه وإما استفهامية أى وأى شىء يتبعون أى لا يتبعون شيئا ما يتبعون إلا الظن والخيال الباطل كقوله تعالى (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) الخ وقرىء تدعون بالتاء فالاستفهام للتبكيت والتوبيخ كأنه قيل وأى شىء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين تقريرا لكونهم متبعين لله تعالى مطيعين له وتوبيخا لهم على عدم اقتدائهم بهم فى ذلك كقوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) ثم صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة فقيل إن يتبع هؤلاء المشركون إلا* الظن ولا يتبعون ما يتبعه الملائكة والنبيون من الحق (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) يكذبون فيما ينسبونه إليه سبحانه ويحزرون ويقدرون أنهم شركاء تقديرا باطلا (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) تنبيه على تفرده تعالى بالقدرة الكاملة والنعمة الشاملة ليدلهم على توحده سبحانه باستحقاق العبادة وتقرير لما سلف من كون جميع الموجودات الممكنة تحت قدرته وملكته المفصح عن اختصاص العزة به سبحانه والجعل إن كان بمعنى الإبداع والخلق فمبصرا حال وإلا فلكم مفعوله الثانى أو هو حال كما فى الوجه الأول والمفعول الثانى لتسكنوا فيه أو هو محذوف يدل عليه المفعول الثانى من الجملة الثانية كما أن العلة الغائية منها محذوفة اعتمادا على ما فى الأولى والتقدير هو الذى جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه والنهار مبصرا لتتحركوا فيه لمصالحكم كما سيجىء نظيره فى قوله تعالى (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) الآية فحذف فى كل واحد من الجانبين ما ذكر فى الآخر اكتفاء بالمذكور عن المتروك وإسناد* الإبصار إلى النهار مجازى كالدى فى نهاره صائم (إِنَّ فِي ذلِكَ) أى فى جعل كل منهما كما وصف أو فيهما وما فى* اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه وعلو رتبته (لَآياتٍ) عجيبة كثيرة أو آيات أخر* غير ما ذكر (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) أى هذه الآيات المتلوة ونظائرها المنبهة على تلك الآيات التكوينية الآمرة بالتأمل فيها سماع تدبر واعتبار فيعملون بمقتضاها وتخصيص الآيات بهم مع أنها منصوبة لمصلحة الكل لما أنهم المنتفعون بها (قالُوا) شروع فى ذكر ضرب آخر من أباطيلهم وبيان بطلانه (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً)