قوله تعالى (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) الآية وقوله تعالى (لِلذَّكَر) لا بد له من ضمير عائد إلى الأولاد محذوف ثقة بظهوره كما فى قولهم السمن منوان بدرهم أى للذكر منهم وقيل الألف واللام قائم مقامه والأصل لذكرهم ومثل صفة لموصوف محذوف أى للذكر منهم حظ مثل حظ الأنثيين والبداءة ببيان حكم الذكر لإظهار مزيته على الأنثى كما أنها المناط فى تضعيف حظه وإيثار اسمى الذكر والأنثى على ما ذكر أولا من الرجال والنساء للتنصيص على استواء الكبار والصغار من الفريقين فى الاستحقاق من غير دخل للبلوغ والكبر فى ذلك أصلا كما هو زعم أهل الجاهلية حيث كانوا لا يورثون الأطفال كالنساء (فَإِنْ كُنَّ) أى الأولاد والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله تعالى (نِساءً) أى خلصا ليس معهن ذكر (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) خبر ثان أو صفة لنساء أى نساء زائدات على اثنتين (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) أى المتوفى المدلول عليه بقرينة المقام (وَإِنْ كانَتْ) أى المولودة (واحِدَةً) أى امرأة واحدة ليس معها أخ ولا أخت وعدم التعرض للموصوف لظهوره مما سبق (فَلَهَا النِّصْفُ) مما ترك وقرىء واحدة على كان التامة واختلف فى الثنتين فقال ابن عباس حكمهما حكم الواحدة لأنه تعالى جعل الثلثين لما فوقهما وقال الجمهور حكمهما حكم ما فوقهما لأنه تعالى لما بين أن حظ الذكر مثل حظ الأنثيين إذا كان معه أنثى وهو الثلثان اقتضى ذلك أن فرضهما الثلثان ثم لما أوهم ذلك أن يزاد النصيب بزيادة العدد رد ذلك بقوله تعالى (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) ويؤيد ذلك أن البنت الواحدة لما استحقت الثلث مع أخيها الأقوى منها فى الاستحقاق فلأن تستحقه مع مثلها أولى وأحرى وأن البنتين أمس رحما من الأختين وقد فرض الله لهما الثلثين حيث قال تعالى (فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ (وَلِأَبَوَيْهِ) أى لأبوى الميت. غير النظم الكريم لعدم اختصاص حكمه بما قبله من الصور (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) بدل منه بتكرير العامل وسط بين المبتدأ الذى هو قوله تعالى (السُّدُسُ) وبين خبره الذى هو لأبويه ونقل الخبرية إليه تنصيصا على استحقاق كل منهما السدس وتأكيدا له بالتفصيل بعد الإجمال وقرىء السدس بسكون الدال تخفيفا وكذلك الثلث والربع والثمن (مِمَّا تَرَكَ) متعلق بمحذوف وقع حالا من السدس والعامل الاستقرار المعتبر فى الخبر أى كائنا مما ترك المتوفى (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) أو ولد ابن ذكرا كان أو أنثى واحدا أو متعددا غير أن الأب فى صورة الأنوثة بعد ما أخذ فرضه المذكور يأخذ ما بقى من ذوى الفروض بالعصوبة (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ) ولا ولد ابن (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) فحسب (فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) مما ترك والباقى للأب وإنما لم يذكر لعدم الحاجة إليه لأنه لما فرض انحصار الوارث فى أبويه وعين نصيب الأم علم أن الباقى للأب وتخصيص جانب الأم بالذكر وإحالة جانب الأب على دلالة الحال مع حصول البيان بالعكس أيضا لما أن حظها أخصر واستحقاقه أتم وأوفر أو لأن استحقاقه بطريق العصوبة دون الفرض هذا إذا لم يكن معهما أحد الزوجين أما إذا كان معهما ذلك فللأم ثلث ما بقى بعد فرض أحدهما لا ثلث الكل كما قاله ابن عباس رضى الله عنهما فإنه يفضى إلى تفضيل الأم على الأب مع كونه أقوى منها فى الإرث بدليل أضعافه عليها عند انفرادهما عن أحد الزوجين وكونه صاحب فرض وعصبة وذلك خلاف وضع الشرع (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) أى عدد ممن له أخوة من غير اعتبار التثليث سواء كانت من جهة الأبوين أو من جهة أحدهما وسواء كانوا ذكورا أو إناثا أو