(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (٧٤) وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) (٧٥)
____________________________________
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) اعتراض وسط بين الفعل ومفعوله الذى هو (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) لئلا يفهم من مطلع كلامه أن تمنيه لمعية المؤمنين لنصرتهم ومظاهرتهم حسبما يقتضيه ما فى البين من المودة بل هو للحرص على المال كما ينطق به آخره وليس إثبات المودة فى البين بطريق التحقيق بل بطريق التهكم وقيل الجملة التشبيهية حال من ضمير ليقولن أى ليقولن مشبها بمن لا مودة بينكم وبينه وقيل هى داخلة فى المقول أى ليقولن المثبط لمن يثبطه من المنافقين وضعفة المؤمنين كأن لم تكن بينكم وبين محمد مودة حيث لم يستصحبكم فى الغزو حتى تفوزوا بما فاز يا ليتنى كنت معهم وغرضه إلقاء العدواة بينهم وبينه عليه الصلاة والسلام وتأكيدها وكأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وهو محذوف وقرىء لم يكن بالياء والمنادى فى يا ليتنى محذوف أى يا قوم وقيل يا أطلق للتنبيه على الاتساع وقوله تعالى (فَأَفُوزَ) نصب على جواب التمنى وقرىء بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أى فأنا أفوز فى ذلك الوقت أو على أنه معطوف على كنت داخل معه تحت التمنى (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) قدم الظرف على الفاعل للاهتمام به (الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) أى يبيعونها بها وهم المؤمنون فالفاء جواب شرط مقدر أى إن بطأ هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم فى طلب الآخرة أو الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة وهم المبطئون فالفاء للتعقيب أى ليتركوا ما كانوا عليه من التثبط والنفاق وليعقبوه بالقتال فى سبيل الله (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ) بنون العظمة التفاتا (أَجْراً عَظِيماً) لا يقادر قدره وتعقيب القتال بأحد الأمرين للإشعار بأن المجاهد حقه أن يوطن نفسه بإحدى الحسنيين ولا يخطر بباله القسم الثالث أصلا وتقديم القتل للإيذان بتقدمه فى استتباع الأجر. روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال تكفل الله تعالى لمن جاهد فى سبيله لا يخرجه إلا جهاد فى سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة (وَما لَكُمْ) خطاب للمأمورين بالقتال على طريقة الالتفات مبالغة فى التحريض عليه وتأكيدا لوجوبه وهو مبتدأ وخبر وقوله عزوجل (لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) حال عاملها ما فى الظرف من معنى الفعل والاستفهام للإنكار والنفى أى أى شىء لكم غير مقاتلين أى لا عذر لكم فى ترك المقاتلة (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ) عطف على اسم الله أى فى سبيل المستضعفين وهو تخليصهم من الأسر وصونهم عن العدو أو على السبيل بحذف المضاف أى فى