فى مادة الدوران الجزئى كما فى قولك لو طلعت الشمس لوجد الضوء فلأن الجزاء المنوط بالشرط الذى هو طلوعها ليس وجود أى ضوء كان كضوء القمر المجامع لعدم الطلوع مثلا بل إنما هو وجود الضوء الخاص الناشىء من الطلوع ولا ريب فى انتفائه بانتفاء الطلوع هذا إذا بنى الحكم على اعتبار الدوران وأما إذا بنى على عدمه فإما أن يعتبر هناك تحقق مدار آخر له أو لا فإن اعتبر فالدلالة تابعة لحال ذلك المدار فإن كان بينه وبين انتفاء الأول منافاة تعين الدلالة كما إذا قلت لو لم تطلع الشمس لوجد الضوء فإن وجود الضوء وإن علق صورة بعدم الطلوع لكنه فى الحقيقة معلق بسبب آخر له ضرورة أن عدم الطلوع من حيث هو هو ليس مدار الوجود الضوء فى الحقيقة وإنما وضع موضع المدار لكونه كاشفا عن تحقق مدار آخر له فكأنه قيل لو لم تطلع الشمس لوجد الضوء بسبب آخر كالقمر مثلا ولا ريب فى أن هذا الجزاء مننف عند انتفاء الشرط لاستحالة وجود الضوء القمرى عند طلوع الشمس وإن لم يكن بينهما مافاة تعين عدم الدلالة كما فى قوله صلىاللهعليهوسلم فى بنت أبى سلمة لو لم تكن ربيبتى فى حجرى ما حلت لى إنها لابنة أخى من الرضاعة فإن المدار المعتبر فى ضمن الشرط أعنى كونها ابنة أخيه عليهالسلام من الرضاعة غير مناف لانتفائه الذى هو كونها ربيبته عليهالسلام بل مجامع له ومن ضرورته مجامعة أثريهما أعنى الحرمة الناشئة من كونها ربيبته عليهالسلام والحرمة الناشئة من كونها ابنة أخيه من الرضاعة وإن لم يعتبر هناك تحقق مدار آخر بل بنى الحكم على اعتبار عدمه فلا دلالة لها على ذلك أصلا كيف لا ومساق الكلام حينئذ لبيان ثبوت الجزاء على كل حال بتعليقه بما ينافيه ليعلم ثبوته عند وقوع ما لا ينافيه بالطريق الأولى كما فى قوله عزوجل (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ) وقوله عليهالسلام لو كان الإيمان فى الثريا لنا له رجال من فارس وقول على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا فإن الأجزية المذكورة قد نيطت بما ينافيها ويستدعى نقائضها إيذانا بأنها فى أنفسها بحيث يجب ثبوتها مع فرض انتفاء أسبابها أو تحقق أسباب انتفائها فكيف إذا لم يكن كذلك على طريقة لو الوصلية فى مثل قوله تعالى (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) ولها تفاصيل وتفاريع حررناها فى تفسير قوله تعالى (أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) وقول عمر رضى الله عنه نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه إن حمل على تعليق عدم العصيان فى ضمن عدم الخوف بمدار آخر نحو الحياء والإجلال وغيرهما مما يجامع الخوف كان من قبيل حديث ابنة أبى سلمة وإن حمل على بيان استحالة عصيانه مبالغة كان من هذا القبيل والآية الكريمة واردة على الاستعمال الشائع مفيدة لكمال فظاعة حالهم وغاية هول مادهمهم من المشاق وأنها قد بلغت من الشدة إلى حيث لو تعلقت مشيئة الله تعالى بإزالة مشاعرهم لزالت لتحقق ما يقتضيه اقتضاء تاما وقيل كلمة لو فيها لربط جزائها بشرطها مجردة عن الدلالة على انتفاء أحدهما لانتفاء الآخر بمنزلة كلمة أن ومفعول المشيئة محذوف جريا على القاعدة المستمرة فإنها إذا وقعت شرطا وكان مفعولها مضمونا للجزاء فلا يكاد يذكر إلا أن يكون شيئا مستغربا كما فى قوله[فلو شئت أن أبكى دما لبكيته عليه ولكن ساحة الصبر أوسع] أى لو شاء الله أن يذهب بسمعهم وأبصارهم لفعل ولكن لم يشأ لما يقتضيه من الحكم والمصالح وقرىء لأذهب بأسماعهم على زيادة الباء كما فى قوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) والإفراد فى المشهورة لأن السمع مصدر فى الأصل والجملة الشرطية معطوفة على ما قبلها من الجمل الاستئنافية وقيل على كلما أضاء الخ وقوله