جناياتهم فى نقضه (مِنْ دِيارِهِمْ) الضمير للفريق وإيثار الغيبة مع جواز الخطاب أيضا بناء على اعتبار العنوان المذكور كما مر فى الميثاق للاحتراز عن توهم كون المراد إخراجهم من ديار المخاطبين من حيث هى ديارهم لا من حيث هى ديار المخرجين وقيل هؤلاء موصول والجملتان فى حيز الصلة والمجموع هو الخبر لأنتم (تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ) بحذف إحدى التاءين وقرىء بإثباتهما وبالإدغام وتظهرون بطرح إحدى التاءين من تتظهرون ومعنى الكل تتعاونون وهى حال من فاعل تخرجون أو من مفعوله أو منهما جميعا مبنية لكيفية الإخراج دافعة لتوهم اختصاص الحرمة بالإخراج بطريق الأصالة والاستقلال دون المظاهرة والمعاونة (بِالْإِثْمِ) متعلق بتظاهرون حال من فاعله أى ملتبسين بالإثم وهو الفعل الذى يستحق فاعله الذم واللوم وقيل هو ما ينفر عنه النفس ولا يطمئن إليه القلب (وَالْعُدْوانِ) وهو التجاوز فى الظلم (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى) جمع أسير وهو من يؤخذ قهرا فعيل بمعنى مفعول من الأسرأى الشد أو جمع أسرى وهو جمع أسير كجرحى وجريح وقد قرىء أسرى ومحله النصب على الحالية (تُفادُوهُمْ) أى تخرجوهم من الأسر بإعطاء الفداء وقرىء تفدوهم قال السدى إن الله تعالى أخذ على بنى إسرائيل فى التوراة الميثاق أن لا يقتل بعضهم بعضا ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم وأيما عبد أو أمة وجدتموه من بنى إسرائيل فاشتروه وأعتقوه وكانت قريظة حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج حين كان بينهما ما كان من العداوة والشنآن فكان كل فريق يقاتل مع حلفائه فإذا غلبوا خربوا ديارهم وأخرجوهم منها ثم إذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له ما لا فيفدونه فعيرتهم العرب وقالت كيف تقاتلونهم ثم تفدونهم فيقولون أمرنا أن نفديهم وحرم علينا قتالهم ولكن نستحيى أن نذل حلفاء نافذمهم الله تعالى على المناقضة (وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ) هو ضمير الشأن وقع مبتدأ ومحرم فيه ضمير قائم مقام الفاعل وقع خبرا من إخراجهم والجملة خبر لضمير الشأن وقيل محرم خبر لضمير الشأن وإخراجهم مرفوع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله وقيل الضمير مهم يفسره إخراجهم أو راجع إلى ما يدل عليه تخرجون من المصدر وإخراجهم تأكيد أو بيان والجملة حال من الضمير فى تخرجون أو من فريقا أو منهما كما مر بعد اعتبار القيد بالحال السابقة وتخصيص بيان الحرمة ههنا بالإخراج مع كونه قرينا للقتل عند أخذ الميثاق لكونه مظنة للمساهلة فى أمره بسبب قلة خطره بالنسبة إلى القتل ولأن مساق الكلام لذمهم وتوبيخهم على جناياتهم وتناقض أفعالهم معا وذلك مختص بصورة الإخراج حيث لم ينقل عنهم تدارك القتلى بشىء من دية أو قصاص هو السر فى تخصيص التظاهر به فيما سبق وأما تأخيره من الشرطية المعترضة مع أن حقه التقديم كما ذكره الواحدى فلأن نظم أفاعيلهم المتناقضة فى سمط واحد من الذكر أدخل فى إظهار بطلانها (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ) أى التوراة التى أخذ فيها الميثاق المذكور والهمزة للإنكار التوبيخى والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام أى أتفعلون ذلك فتؤمنون ببعض الكتاب وهو المفاداة (وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) وهو حرمة القتال والإخراج مع أن من قضية الإيمان ببعضه الإيمان بالباقى لكون الكل من عند الله تعالى داخلا فى الميثاق فمناط التوبيخ كفرهم بالبعض مع إيمانهم بالبعض حسبما يفيده ترتيب النظم الكريم فإن التقديم يستدعى فى المقام الخطابى أصالة المقدم وتقدمه بوجه من الوجوه حتما وإذ ليس ذلك ههنا باعتبار الإنكار والتوبيخ عليه وهو باعتبار الوقوع قطعا