فلما ولي عمر بن عبد العزيز بعث إلى المكان يطلبه منه فاخبر بخبره ، فسأل عن الموضع الذي دفن فيه فنبشه وأخذه ، والله أعلم بما صنع به ، والظاهر من دينه أنه بعثه إلى كربلاء فدفن مع جسده.
قالوا : ولما دخل حرم الحسين عليهالسلام المدينة عجت نساء بني هاشم ، وصارت المدينة صيحة واحدة ، فضحك عمرو بن سعيد أمير المدينة ، وتمثل بقول عمرو بن معدي كرب الزبيدي :
عجت نساء بني زياد عجة |
|
كعجيج نسوتنا غداة الأرنب |
وجلس عبد الله بن جعفر للتعزية ، فدخل عليه مولاه ، فقال : هذا ما لقينا من الحسين؟ فحذفه عبد الله بنعله ، وقال : يا ابن اللخناء! أللحسين تقول هذا؟ والله ، لو شهدته لأحببت أن اقتل دونه ، وإني لأشكر الله الذي وفّق ابني عونا ومحمدا معه ، إذ لم أكن وفقت.
وخرجت بنت عقيل في نساء من قومها ، وهي تقول :
ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم؟ |
|
ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم؟ |
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي |
|
فهم اسارى وقتلى ضرّجوا بدم |
أكان هذا جزائي إذ نصحتكم |
|
ولم تفوا لي بعهدي في ذوي رحمي |
ضيعتم حقنا والله أوجبه |
|
وقد عرى الفيل حق البيت والحرم |
وجاء في «المسانيد» : أنّ القائلة للبيتين الأوّلين زينب بنت علي عليهالسلام حين قتل الحسين عليهالسلام ، وأنها أخرجت رأسها من الخباء ، ورفعت عقيرتها (١) ، وقالت البيتين الأوّلين.
قالوا : ثمّ صعد عمرو بن سعيد ـ أمير المدينة ـ المنبر ، وخطب ، وقال في خطبته : إنها لدمة بلدمة ، وصدمة بصدمة ، وموعظة بعد موعظة (حِكْمَةٌ
__________________
(١) ـ العقير : صوت الباكي.