اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) الروم / ١٠ ، أظننت يا يزيد! حيث أخذت علينا أقطار الارض وآفاق السماء ، وأصبحنا نساق كما تساق الأسارى ، أن بنا على الله هوانا ، وبك عليه كرامة؟ وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده ، فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك جذلان مسرورا ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة (١) ، والأمور متسقة (٢) ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا ، فمهلا مهلا! أنسيت قول الله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)؟ آل عمران / ١٧٨ ، أمن العدل يا ابن الطلقاء! تخديرك حرائرك وإماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا؟ قد هتكت ستورهن ؛ وأبديت وجوههن ؛ يحدى بهن من بلد إلى بلد ، ويستشرفهنّ أهل المناهل والمناقل ، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد ، والدّنيّ والشريف ، ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حميّ ، وكيف ترجى المراقبة ممن لفظ فوه أكباد السعداء ، ونبت لحمه بدماء الشهداء؟ وكيف لا يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف (٣) والشنئان (٤) والإحن والأضغان؟ ثم يقول غير متأثم ولا مستعظم؟
لأهلّوا واستهلّوا فرحا |
|
ثمّ قالوا يا يزيد لا تشل |
منحنيا على ثنايا أبي عبد الله تنكتها بمخصرتك؟ وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية آل محمد ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب؟ أتهتف بأشياخك؟ زعمت تناديهم ، فلتردن وشيكا موردهم ، ولتودن أنك شللت وبكمت ، ولم تكن
__________________
(١) مستوسقة : بمعنى المستوثقة.
(٢) المتسقة : المنتظمة.
(٣) الشنف : البغض.
(٤) الشنئان : العداوة.