٥٤ ـ قال الشيخ المفيد : ثمّ أمر بالرحيل فارتحل ، من قصر بنى مقاتل ، فقال عقبة بن سليمان : فسرنا معه ساعة فخفق وهو على ظهر فرسه خفقة ثمّ انتبه وهو يقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين ، ففعل ذلك مرّتين أو ثلثا فاقبل ابنه علىّ بن الحسين عليهماالسلام ، فقال : ممّ حمدت واسترجعت ، فقال يا بنىّ إنّى خفقت خفقة فعنّ لى فارس على فرس وهو يقول القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم.
فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا ، فقال له يا أبت لا أراك الله سوءا ، ألسنا على الحقّ قال بلى والّذي إليه مرجع العباد ، قال : فانّنا اذا لا نبالى ، أن نموت ، محقّين ، فقال له الحسين عليهالسلام جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده (١).
٥٥ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى عبد الرحمن بن جندب ، عن عقبة ابن سمعان ، قال : لما كان فى آخر اللّيل أمر الحسين بالاستقاء من الماء ، ثمّ أمرنا بالرحيل ، ففعلنا ، قال : فلمّا ارتحلنا من قصر بنى مقاتل ، وسرنا ساعة ، خفق الحسين برأسه خفقة ، ثمّ انتبه وهو يقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين ، قال : ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثا.
قال : فأقبل إليه ابنه علىّ بن الحسين على فرس له ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين ، يا أبت ، جعلت فداك! ممّ حمدت الله واسترجعت؟ قال : يا بنىّ ، إنّى خفقت برأسى خفقة فعنّ لى فارس على فرس فقال : القوم يسيرون والمنايا تسرى إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا.
قال له : يا أبت ، لا أراك الله سوءا ، ألسنا على الحقّ! قال : بلى والّذي إليه مرجع العباد ، قال : يا أبت ، إذا لا نبالى ، نموت محقّين : فقال له : جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده (٢)
__________________
(١) الارشاد : ٢٠٩.
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٠٧.