فخرج مسلم بن عمرو حتّى قدم على عبيد الله بالبصرة فأوصل إليه العهد ، والكتاب ، فأمر عبيد الله بالجهاز من وقته والمسير الى الكوفة ، من الغد ثمّ خرج من البصرة فاستخلف اخاه عثمان وأقبل الى الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهلى وشريك الأعور الحارثى وحشمه وأهل بيته حتّى دخل الكوفة ، وعليه عمامة سوداء وهو متلثم والناس قد بلغهم إقبال الحسين عليهالسلام إليهم فهم ينتظرون قدومه فظنّوا حين رأوا عبيد الله أنّه الحسين.
فأخذ لا يمرّ على جماعة من الناس الّا سلموا عليه وقالوا مرحبا بابن رسول الله ، قدمت خير مقدم فرأى من تباشيرهم بالحسين ما ساءه ، فقال مسلم بن عمرو لما أكثروا : تأخّروا هذا الامير عبيد الله بن زياد ، وسار حتّى وافى القصر فى اللّيل ومعه جماعة قد التقوا به فدعا ابن زياد مولى له يقال له معقل فقال له خذ ثلث آلاف درهم ، ثمّ اطلب مسلم بن عقيل والتمس أصحابه ، فاذا ظفرت بواحد منهم أو جماعة فأعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم وقل لهم استعينوا بها على حرب عدوّكم وأعلمهم انّك منهم.
فانّك لو أعطيتهم إيّاها اطمأنّوا إليك ووثقوا بك ولم يكتموا شيئا من أخبارهم ، ثمّ أغد عليهم ورح حتّى تعلم مستقرّ مسلم بن عقيل ، وتدخل عليه ، ففعل ذلك وجاء فطلب الاذن ، فاذن له فاخذ مسلم بيعته وأمر أبا ثمامة الصائدى بقبض المال منه وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم ، فهو أوّل داخل وآخر ، خارج ، حتّى فهم ما احتاج إليه ابن زياد من أمرهم وكان يحبره بهم (١) فاجتمع لابن عقيل أربعة ألف رجل وما زالوا يتوثبون حتّى المساء فضاق بعبيد الله أمره وكان أكثر عمله أن يمسك باب القصر وليس معه فى القصر إلّا ثلثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من أشراف الناس وأهل بيته وخاصته ، حتّى كادت الشمس أن يجب فكانت المرأة تأتى ابنتها وأخاها فتقول انصرف ، الناس يكفونك ويجىء
__________________
(١) كذا فى الاصل.