فقال له ابن عوسجة : احمد الله على لقائك إيّاى فقد سرّنى ذلك لتنال الّذي تحبّ ، ولينصر الله بك أهل بيت نبيّه عليه وعليهمالسلام ، ولقد ساءنى معرفة الناس إيّاى بهذا الامر ، قبل أن يتمّ مخافة هذا الطاغية وسطوته ، قال له معقل لا يكون الّا خيرا خذ البيعة علىّ فأخذ بيعته وأخذ عليه المواثيق المغلّظة ليناصحنّ وليكتمنّ ، فأعطاه من ذلك ما رضى به ثمّ قال اختلف إلىّ ايّاما فى منزلى ، فانّى طالب لك الإذن على صاحبك واخذ يختلف مع الناس فطلب له الاذن.
فاذن له فاخذ مسلم بن عقيل بيعته ، وأمر أبا ثمامة الصائدى بقبض المال منه ، وهو الذي كان يقبض أموالهم ، وما يعين به بعضهم بعضا ، ويشترى لهم السّلاح وكان بصيرا وفارسا من فرسان العرب ووجوه الشيعة ، واقبل ذلك الرجل يختلف إليهم ، فهو أوّل داخل وآخر خارج ، حتّى فهم ما احتاج إليه ابن زياد ، من أمرهم فكان يخبره به وقتا فوقتا ، وخاف هانى بن عروة عبيد الله على نفسه فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض ، فقال ابن زياد لجلسائه ما لي لا أرى هانيا فقالوا هو شاك.
فقال لو علمت بمرضه لعدّته ودعى محمّد بن الاشعث واسماء بن خارجة وعمرو بن الحجّاج الزبيدى ، وكانت دويحة بنت عمرو تحت هانى بن عروة ، وهى أمّ يحيى بن هانى ، فقال لهم ما يمنع هانى بن عروة من إتياننا ، فقالوا ما ندرى وقد قيل انّه يشتكى ، قال قد بلغنى أنّه قد برىء وهو يجلس على باب داره ، فالقوه ومروه ألّا يدع ما عليه من حقّنا فانّى لا أحبّ أن يفسد عندى مثله من أشراف العرب ، فاتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة وهو جالس على بابه ، وقالوا له ما يمنعك من لقاء الامير فانّه قد ذكرك وقال لو اعلم انّه شاك لعدّته.
فقال لهم الشكوى تمنعنى ، فقالوا له قد بلغه أنك تجلس كلّ عشيّة على باب دارك ، وقد استبطاك والابطاء والجفاء لا يحتمله السلطان ، أقسمنا عليك لمّا ركبت معنا فدعى بثيابه ، فلبسها ثمّ دعى ببغلة فركبها ، حتّى اذا دنى من القصر ، كانّ نفسه