غضبان ، فلمّا كان الغداة توجّه الحسين عليهالسلام الى مكّة لثلاث مضين من شعبان سنة ستّين ، فأقام بها باقى شعبان وشهر رمضان وشوّال وذا القعدة (١)
٧ ـ عنه قال المفيد رحمهالله : فقام الحسين فى منزله تلك اللّيلة وهى ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستّين من الهجرة ، واشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير فى البيعة ليزيد ، وامتناعه عليهم ، وخرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجّها الى مكّة ، فلمّا أصبح الوليد سرّح فى أثره الرجال فبعث راكبا من موالى بنى اميّة فى ثمانين راكبا ، فطلبوه فلم يدركوه ، فرجعوا.
فلمّا كان آخر نهار السبت ، بعث الرجال الى الحسين عليهالسلام ، ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية ، فقال لهم الحسين : اصبحوا ثمّ ترون ونرى! فكفّوا تلك اللّيلة عنه ، ولم يلحّوا عليه ، فخرج عليهالسلام من تحت ليلته وهى ليلة الاحد ليومين بقيا من رجب متوجّها نحو مكّة ، ومعه بنوه وبنو اخيه واخوته ، وجلّ أهل بيته الّا محمّد ابن الحنفية رحمهالله فانّه لمّا علم عزمه على الخروج عن المدينة لم يدر أين يتوجّه.
فقال له : يا أخى أنت أحبّ الناس الىّ وأعزّهم علىّ ولست أدّخر النصيحة لأحد من الخلق الّا لك ، وأنت أحقّ بها تنحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية ، وعن الأمصار ، ما استطعت ، ثمّ ابعث رسلك الى الناس ثمّ ادعهم إلى نفسك ، فان بايعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك ، وإن اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ، ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك ، إنّى أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم.
فمنهم طائفة معك واخرى عليك ، فيقتلون فتكون اذا لأوّل الأسنّة غرضا ، فاذا خير هذه الامّة كلّها نفسا وأبّا وامّا أضيعها دما وأذلّها أهلا ، فقال له الحسين
__________________
(١) البحار : ٤٤ / ٣١٦.