سورة الشورى
[فيها ثمان آيات]
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ، اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ).
ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في حديث الشفاعة المشهور [الكبير] (٢) : ولكن ائتوا نوحا ، فإنه أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتون نوحا فيقولون : أنت أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. وهذا صحيح لا إشكال فيه ، كما أنّ آدم أول نبىّ بغير إشكال ، لأن آدم لم يكن معه إلا بنوه ، ولم تفرض له الفرائض ، ولا شرعت له المحارم ، وإنما كان تنبيها على بعض الأمور ، واقتصارا على ضرورات المعاش ، وأخذا بوظائف الحياة والبقاء ، واستقرّ المدى إلى نوح ، فبعثه الله بتحريم الأمهات والبنات والأخوات ووظف (٣) عليه الواجبات ، وأوضح له الآداب في الديانات ، ولم يزل ذلك يتأكّد بالرسل ، ويتناصر بالأنبياء صلوات الله عليهم واحدا بعد واحد ، شريعة بعد شريعة ، حتى ختمها الله بخير الملل ملّتنا ، على لسان أكرم الرسل نبيّنا صلّى الله عليه وسلم ، وكأن (٤) المعنى : ووصيناك يا محمد ونوحا دينا واحدا ، يعنى في الأصول التي لا تختلف فيها الشريعة(٥) ، وهي : التوحيد ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والتقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال ، والتزلّف إليه بما يردّ القلب والجارحة إليه ، والصدق ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وتحريم الكفر ، والقتل ، والزنا ، والإذاية للخلق ، كيفما تصرفت ، والاعتداء على
__________________
(١) آية ١٣.
(٢) ليس في ش.
(٣) في ش : وأوضح.
(٤) في ش : فإن.
(٥) في ش : الشرائع.