الآية الرابعة ـ قوله تعالى (١) : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ. أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها :
روى أنها نزلت في أبى جهل ؛ كان يؤذى النبىّ صلّى الله عليه وسلّم ، فأمر عليه السلام بالعفو عنه. وقيل له : (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
المسألة الثانية ـ اختلف ما المراد بها على ثلاثة أقوال :
الأول ـ قيل المراد بها ما روى في الآية أن نقول : إن كنت كاذبا يغفر الله لك ، وإن كنت صادقا يغفر الله لي ، وكذلك روى أن أبا بكر الصديق قاله لرجل نال منه.
الثاني ـ المصافحة ، وفي الأثر : تصافحوا يذهب الغلّ ، وإن لم ير مالك المصافحة ، وقد اجتمع مع سفيان فتكلّما فيها ، فقال سفيان : قد صافح النبىّ صلّى الله عليه وسلّم جعفرا حين قدم من الحبشة ، فقال له مالك : ذلك خاصّ له ؛ فقال له سفيان : ما خصّه رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصّنا ، وما عمّه يعمّنا ، والمصافحة ثابتة ، فلا وجه لإنكارها.
وقد روى قتادة قال : قلت لأنس : هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم. وهو حديث صحيح ، وروى البراء بن عازب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلّا غفر لهما قبل أن يتفرّقا.
وفي الأثر : من تمام المحبة الأخذ باليد.
ومن حديث محمد بن إسحاق ـ وهو إمام مقدم ـ عن الزهري ، عن عائشة ، قالت : قدم زيد بن حارثة المدينة في نفر (٢) ، فقرع الباب ، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم عريانا يجرّ ثوبه ، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده ، فاعتنقه وقبّله.
الثالث ـ السلام ، لا يقطع عنه سلامه إذا لقيه ، والكل محتمل. والله أعلم.
__________________
(١) آية ٣٤.
(٢) في ش : في بيتي.