من يستحقها إذا اجتمعت ، ويكفّ الظالم عن المظلوم. ويدخل فيه قود الجيوش ، وتدبير المصالح العامة ، وهو الثالث.
وقد رام بعض الشافعية أن يحصر ولايات الشرع فجمعها في عشرين ولاية ، وهي : الخلافة العامة ، والوزارة ، والإمارة في الجهاد ، وولاية حدود المصالح ، وولاية القضاء ، وولاية المظالم ، وولاية النقابة على أهل الشرف ، والصلاة والحج ، والصدقات ، وقسم الفيء ، والغنيمة ، وفرض الجزية ، والخراج ، والموات وأحكامه ، والحمى ، والإقطاع ، والديوان ، والحسبة.
فأما ولاية الخلافة فهي صحيحة. وأما الوزارة فهي ولاية شرعية ، وهي عبارة عن رجل موثوق به في دينه وعقله يشاوره الخليفة فيما يعنّ له من الأمور ، قال الله تعالى ـ مخبرا عن موسى (١) : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي). فلو سكت. هاهنا كانت وزارة مشورة ، ولكنه تأدّب مع أخيه لسنّة وفضله وحلمه وصبره ، فقال : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) ، فسأل وزارة مشاركة في أصل النبوة.
وعن النبي صلّى الله عليه وسلم في الحديث الحسن : وزيراى من أهل السماء جبريل وميكائيل ، ووزيراى من أهل الأرض أبو بكر وعمر.
وأما الولاية على الجهاد فقد أمر النبىّ صلّى الله عليه وسلم على الجيوش والسرايا كثيرا من أصحابه في كل غزوة لم يشهدها ، وقسّموا الغنيمة فيها ، فدخلت إحدى الولايتين في الأخرى ، وللوالي أن يفردهما.
وأما حدود المصالح فهي ثلاثة : الرّدة ، وقطع السبيل ، والبغي ، فأما الردّة والقطع للسبيل فكانا في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم ، فإنّ نفرا من عرينة قدموا على النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة ، فجعلهم النبىّ صلّى الله عليه وسلم في الإبل حتى صحوا ، فقتلوا (٢) الراعي ، واستاقوا الذّود مرتدين ، فبعث النبىّ صلّى الله عليه وسلم في آثارهم ، فجيء بهم فقتلهم على ذلك ، وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسمل (٣) أعينهم كما فعلوا ، وقد بيّنا ذلك في سورة المائدة
__________________
(١) سورة طه ، آية ٢٩ وما بعدها.
(٢) في ش : فغلوا.
(٣) سمل عينه : فقأها.