الثاني ـ إنا لو نزلنا (١) الجواب على أحكام الحجاب لاحتمل أن يكون الفزع الطارئ عليه أذهله عما كان يجب في ذلك له.
الثالث ـ أنه أراد أن يستوفى كلامهما الذي دخلا له حتى يعلم آخر الأمر منه ، ويرى هل يحتمل التقحم فيه بغير إذن أم لا؟ وهل يقترن بذلك عذر لهما ، أم لا يكون لهما عذر عنه. وكان من آخر الحال ما انكشف من أنه بلاء ومحنة ومثل ضربه الله في القصة ، وأدب وقع على دعوى العصمة.
الرابع ـ أنه يحتمل أن يكون في المسجد ، ولا إذن في المسجد لأحد ، ولا حجر فيه على أحد.
الآية الرابعة ـ قوله تعالى (٢) : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ).
فيها وفي الآية التي تليها أربع عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ كنى بالنعجة عن المرأة ، لما هي عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب. وقد يكنى عنها بالبقرة والحجر والناقة ، لأن الكلّ مركوب.
أخبرنا أبو الحسن على بن عبد الجبار الهذلي عن أبى الحسن على بن أبى طالب قال : إنه يكنى عن المرأة بألف مثل في المنام يعبر به الملك عن المعنى الذي يريده ، وقد قيدناها كلها عنه في سفر واحد.
المسألة الثانية ـ قوله : (تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) ، إن كان جميعهن أحرارا فذلك شرعه ، وإن كنّ إماء فذلك شرعنا.
والظاهر أنّ شرع من قبلنا لم يكن محصورا بعدد ، وإنما الحصر في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لضعف الأبدان وقلّة الأعمار.
وهم وتنبيه ـ وهي :
المسألة الثالثة ـ قال بعض المفسرين : لم يكن لداود مائة امرأة ، وإنما ذكر التسعة والتسعين
__________________
(١) في ش : تركنا.
(٢) آية ٢٣.