سورة الغاشية
[فيها آية واحدة]
وهي قوله تعالى (١) ، (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ المسيطر هو المسلّط الذي يقهر ويغلب على ما يقول.
المسألة الثانية ـ كان النبىّ صلّى الله عليه وسلم في أول مره معرّفا برسالته ، مذكرا بنبوّته ، يدعو الخلق إلى الله ، ويذكّرهم عهده ، ويبشرهم وعده ، ويحذرهم وعيده ، ويعرفهم دينه ، حتى وضحت المحجة ، وقامت لله سبحانه الحجة ، فلما استمر الخلق على فساد رأيهم ، ولجّوا في طغيانهم وغلوائهم ، أمره الله بالقتال ، وسوق الخلق إلى الإيمان قسرا ، ونسخ هذه الآية وأمثالها حسبما بيناه.
وروى الترمذي وغيره أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ، ثم قرأ : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) : بمسلط على سرائرهم ، مفسّرا معنى الآية ، وكاشفا خفيّ الخلفاء عنها.
المعنى إذا قال الناس : لا إله إلا الله فلست بمسلط على سرائرهم ، وإنما عليك بالظاهر ، وقد كان قبل ذلك لا يطالب لا بالظاهر ولا بالباطن ، فلما استولى الله بأمره وتكليفه القتال على الظواهر ، وكل سرائرهم إليه. وهذا الحديث [صحيح السند] (٢) ، صحيح المعنى ، والله أعلم.
__________________
(١) آية ٢١ ، ٢٢.
(٢) ساقط من ش ، م