سورة الأعلى
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله : (سَنُقْرِئُكَ) ، أى سنجعلك قارئا ، فلا تنسى ما نقرئك. وقد تقدم ذكره. وقد روى ابن وهب قال : سألت مالكا عن قوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) قال : فتحفظ. قال علماؤنا : يريد مالك أنّ الله لم يأمره بترك النسيان إذ كان ليس من استطاعته ، ولكنه قدم له تركه ، وحكم له بأنه لا ينسى ما أنزل عليه.
قال القاضي : وهذا صحيح ، لأن تكليف الناسي في حال نسيانه أن يصرف نسيانه لا يعقل قولا ، فكيف يكون مكلفا به فعلا.
فإن قيل : فقد قال الله عز وجل (٢) : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا).
قلنا : معناه لا تترك. وقد بينا أنّ النسيان هو الترك لغة : والترك على قسمين : ترك بقصد ، وترك بغير قصد. والتكليف إنما يتعلق بما يرتبط بالقصد من الترك. والله أعلم.
المسألة الثانية ـ ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ب «سبح اسم ربك الأعلى». و «هل أتاك حديث الغاشية» ـ من طريق سمرة بن جندب ، والنعمان بن بشير. خرجه النسائي ، وغيره ـ زاد النعمان : في الجمعة والعيدين.
وفي الصحيح أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال للذي طوّل صلاته بالناس : اقرأ ب «سبح اسم ربك الأعلى». والشمس وضحاها ، ونحو ذلك.
الآية الثانية ـ قوله تعالى (٣) : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى).
فيها مسألتان :
__________________
(١) آية ٦.
(٢) سورة القصص ، آية ٧٧.
(٣) آية ١٤.