والله يهدى من يشاء إلى ما شاء إلى صراط مستقيم. وشهد أنه من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ، شهد على فلان ابن فلان من أشهد عليه ، وهو صحيح العقل في شهر كذا.
وقد أدرك التقصير جملة من المؤرخين ، وكتبوا معالم الأمر دون وظائف النهى ، والنبىّ صلّى الله عليه وسلم كان يذكر في بيعته الوجهين. أو يغلب ذكر وظائف النهى ، كما جاء في القرآن.
وكتبوا أنه أسلم طوعا ، وكتبوا : وكان إسلامه على يدي فلان ، وكتبوا أنه اغتسل وصلّى.
فأما قولهم : وكان إسلامه طوعا فباطل ، فإنه لو أسلم مكرها لصحّ إسلامه ولزمه ، وقتل بالرّدة. وقد بينا (١) ذلك في قوله (٢) : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ، والكفار إنما يقاتلون قسرا على الإسلام فيستخرج منهم بالسيف. والإمام مخيّر بين قتل الأسرى أو مفاداتهم بالخمسة الأوجه المتقدمة فيهم ؛ فإذا أسلم سقط حكم السيف عنه.
وفي الصحيح : عجب ربّكم من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل.
وكذلك الذّمى لو جنى جناية فخاف من موجبها القتل والضرب فأسلم سقط عنه الضرب والقتل ، وكان إسلامه كرها ، وحكم بصحته ، وإنما يكون الإكراه المسقط للإسلام إذا كان ظلما وباطلا ، مثل أن يقال للذمي [ابتداء] (٣) من غير جناية ولا سبب : أسلم ، وإلا قتلتك ؛ فهذا لا يجوز ؛ فإن أسلم لم يلزمه ، وجاز له الرجوع إلى ذينه عند أمنه مما خاف منه. وإذا ادّعى الذمىّ أنه أكره بالباطل لزمه إثبات ذلك ، فلا حاجة إلى ذكر الطواعية بوجه ولا حال في كل كافر. والله أعلم.
وأما قولهم ، كان إسلامه على يد فلان فإنّى علقوها! ويشبه أن يكونوا رأوه في كتب المخالفين ، لأنهم (٤) يذكرون ذلك في شروطهم لعلّة أنهم يرون الرجل إذا أسلم على
__________________
(١) في ش : وقدمنا.
(٢) سورة البقرة ، آية ٢٥٦.
(٣) ليس في ش.
(٤) في ش : فإنهم.