في ذلك ، فدعاهم ودعاه ، وسألهم عن تفسير (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) ، فسكتوا ، فقال ابن عباس : هو أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه. فقال عمر : ما أعلم منها إلّا ما تعلم.
وقد قال مالك : إنّ الآية في مجلس النبي صلّى الله عليه وسلم ومجالسنا هذه ، وإن الآية عامة في كل مجلس ، رواه عنه ابن القاسم.
وقال يحيى بن يحيى عنه : إن قوله : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الصحابة (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) يرفع الله بها العالم والطالب للحق.
والعموم أوقع في المسألة ، وأولى بمعنى الآية ، والله أعلم.
الآية الرابعة ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ روى عن على بن علقمة الأنماري (٢) ، عن على بن أبى طالب ، قال : لما نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال لي النبىّ صلّى الله عليه وسلم : دينار ؛ قلت : لا يطيقونه. قال : نصف دينار. قلت : لا يطيقونه. قال : فكم؟ قلت : شعيرة. قال : إنك لزهيد. فنزلت (٣) : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ). قال : فبي خفّف الله عن هذه الأمة.
وهذا يدل على مسألتين حسنتين أصوليتين :
الأولى ـ نسخ العبادة قبل فعلها.
الثانية ـ النظر في المقدّرات بالقياس ، خلافاً لأبى حنيفة. وقد بينا ذلك في موضعه.
ومعنى قوله : شعيرة. يريد وزن شعيرة [من ذهب] (٤). وقد روى [عن] (٥) مجاهد أنّ أول من تصدّق في ذلك على بن أبى طالب ، تصدّق بدينار ، وناجى رسول الله
__________________
(١) آية ١٢.
(٢) في ا : الأنصارى. والمثبت من ش ، والقرطبي.
(٣) آية ١٣ من السورة نفسها.
(٤) من ش.
(٥) ليس في ش.