المأذون فيه بالكفارة ، وإنما هو (١) وطء تعدّ ، فلا بد من الامتثال للأمر بصوم لا يكون في أثنائه وطء.
المسألة التاسعة والعشرون ـ من غريب الأمر أن أبا حنيفة قال : الحجر على الحرّ باطل ، واحتج بقوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ، ولم يفرق بين السفيه والرشيد. وهذا فقه ضعيف لا يناسب قدره ، فإنّ هذه الآية عامة ، وقد كان القضاء بالحجر في أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فاشيا ، والنظر يقتضيه. ومن كان عليه حجر لصغر (٢) أو لولاية ، وبلغ سفيها قد نهى عن دفع المال إليه فكيف ينفذ فعله فيه؟ والخاصّ يقضى على العام. وقد بيناه في موضعه.
الآية الثانية ـ قوله تعالى (٣) : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
لا خلاف بين النّقلة أنّ المراد بهم اليهود ، كانوا يأتون النبىّ صلّى الله عليه وسلم فيقولون : السام عليك ، يريدون بذلك : السلام ظاهرا ، وهم يعنون الموت باطنا ، فيقول النبي صلّى الله عليه وسلم : عليكم [في رواية] (٤) ، وفي رواية أخرى : وعليكم بالواو ، وهي مشكلة. وكانوا يقولون : لو كان محمد نبيا ما أمهلنا الله بسبّه والاستخفاف به ، وجهلوا أنّ البارئ تعالى حليم لا يعاجل من سبّه ، فكيف من سبّ نبيه.
وقد ثبت أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : لا أحد أصبر على الأذى من الله تعالى ، يدعون له الصاحبة والولد ، وهو يعافيهم ويرزقهم.
فأنزل الله هذا كشفا لسرائرهم ، وفضحا لبواطنهم ، ومعجزة لرسوله.
وقد بينا شرح هذا في مختصر النّيرين.
وقد ثبت عن قتادة عن أنس أنّ يهوديا أتى على النبي صلّى الله عليه وسلم وعلى أصحابه ، فقال : السام عليكم ، [فردّ عليه] (٥) فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : أتدرون ما قال هذا؟
__________________
(١) في ش : وهو.
(٢) في ش : حجر الصغير أو الولاية.
(٣) آية ٨.
(٤) ليس في ش.