قومهم ، فيدعوهم إلى ذكر الله [ودينه] (٦) ودين عيسى ابن مريم ، فساحوا في الجبال ، وترهّبوا فيها ، وهي التي قال الله فيها : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
المسألة الثالثة ـ روى عن أبى أمامة الباهلي [واسمه صدىّ بن عجلان] (١) أنه قال: أحدثّتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم ، إنما كتب عليكم الصيام ، فدوموا على القيام إذا فعلتموه ، ولا تتركوه ، فإنّ ناسا من بنى إسرائيل ابتدعوا بدعا لم يكتبها الله عليهم ، ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حقّ رعايتها ، فعاتبهم (٢) الله بتركها ، فقال : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) ، يعنى تركوا ذلك فعوقبوا عليها.
المسألة الرابعة ـ قد بينّا أنّ قوله تعالى : (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) من وصف الرهبانية ، وأنّ قوله تعالى : (ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) متعلق بقوله تعالى : (ابْتَدَعُوها). وقد زاغ قوم عن منهج الصواب فظنّوا أنها رهبانيّة كتبت عليهم بعد أن التزموها. وليس يخرج هذا من قبيل مضمون الكلام ، ولا يعطيه أسلوبه ولا معناه ، ولا يكتب على أحد شيء الا بشرع أو نذر ، وليس في هذا اختلاف بين أهل الملل. والله أعلم.
__________________
(١) ليس في ش.
(٢) في القرطبي : فعابهم الله.