الآية الرابعة ـ قوله تعالى (١) : (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ الرهبانية : فعلانية من الرّهب (٢) كالرّحمانية : وقد قرئت بضم الراء وهي من الرّهبان كالرّضوانية من الرّضوان. [والرهب هو الخوف ، كنى به عن فعل التزم خوفا من الله ورهبا من سخطه] (٣).
المسألة الثانية ـ في تفسيرها :
وفيه أربعة أقوال :
الأول ـ أنها رفض النساء ، وقد نسخ ذلك في ديننا ، كما تقدم.
الثاني ـ اتخاذ الصّوامع للعزلة ، وذلك مندوب إليه عند فساد الزمان.
الثالث ـ سياحتهم ، وهي نحو منه.
الرابع ـ روى الكوفيون عن ابن مسعود ، قال : قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم : هل تدرى أىّ الناس أعلم؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم. قال : أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس فيه ، وإن كان مقصّرا في العمل ، وإن كان يزحف على استه.
وافترق من [كان] (٤) قبلنا على اثنتين وسبعين فرقة ، نجا منها ثلاث ، وهلك سائرها : فرقة آزت (٥) الملوك ، وقاتلتهم على دين الله ودين عيسى حتى قتلوا ، وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك أقاموا بين ظهراني قومهم يدعونهم إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم ، فأخذتهم الملوك وقتلتهم وقطعتهم بالمناشير ، وفرقة لم تكن لهم طاقة بموازاة الملوك ، ولا بأن يقيموا بين ظهراني
__________________
(١) آية ٢٧.
(٢) في ش : الرهبة. وفي القرطبي : قال الماوردي : وفيها قراءتان : إحداهما بفتح الراء ، وهي الخوف ـ من الرهب. والثانية بضم الراء وهي منسوبة إلى الرهبان كالرضوانية من الرضوان (١٧ ـ ٢٦٣)
(٣) ليس في ش.
(٤) في ش ، والقرطبي. وازت.