سورة الحديد
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
وقد بينّا في كتاب الأمد تفسير هذه الأسماء ، وحقّقنا أن الأول هو الآخر بعينه [يعنى] (٢) لأنه واحد ، وأن الظاهر هو الباطن ، وأن الأول هو الباطن ، وأن الآخر هو الظاهر ، إذ هو تعالى واحد تختلف أوصافه ، وتتعدد أسماؤه ، وهو تعالى واحد. قال ابن القاسم : قال مالك : لا يحدّ ولا يشه. قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : من قرأ «يد الله» وأشار إلى يده ، وقرأ عين الله ، وأشار إلى ذلك العضو منه يقطع تغليظا عليه في تقديس الله تعالى وتنزيهه عما أشبه (٣) إليه ، وشبّهه بنفسه ، فتعدم [نفسه و] (٤) جارحته التي شبّهها بالله ، وهذه غاية في التوحيد لم يسبق إليها مالكا موحّد.
فإن قيل : فقد روى البخاري ، عن نافع ، عن عبد الله ، قال : ذكر الدجّال عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال : إنه لا يخفى عليكم أنّ الله ليس بأعور. وأشار بيده إلى عينه ، وأن المسيح (٥) الدجال أعور العين اليمنى كأنّ عينه عنبة طافية.
فالجواب من وجهين :
أحدهما ـ أن هذا خبر واحد ، لا يوجب علما.
الثاني ـ أنّ هذه الإشارة في النفي لا في الإثبات ، وفي التقديس لا في التشبيه. وهذا نفيس فاعرفه.
الآية الثانية ـ قوله تعالى (٦) : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ
__________________
(١) آية ٣.
(٢) ليس في ش.
(٣) في ا : تشبه.
(٤) ليس في ش.
(٥) سمى بذلك لشؤمه (القاموس).
(٦) آية ١٠.