وقال عليه السلام : إنى لأرجو أن أخشاكم الله ، وأعلمكم بما أتّقي.
ولذلك كان أكرم البشر على الله تعالى. وهذا المعنى هو الذي لحظ مالك في الكفاءة(١) في النكاح.
روى عن عبد الله عن مالك يزوّج المولى العربية. واحتج بهذه الآية.
وقال أبو حنيفة والشافعى : يراعى الحسب والمال.
وفي الصحيح ، عن عائشة أن أبا حذيفة بن عقبة بن ربيعة ـ وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلّى الله عليه وسلم ـ تبنّى سالما ، وأنكحه هند بنت أخيه الوليد بن عقبة بن ربيعة ، وهو مولى لا مرأة من الأنصار ، وضباعة بنت الزبير كانت تحت المقداد بن الأسود [الكندي] (٢) فدلّ على جواز نكاح المولى العربية. وإنما تراعى الكفاءة في الدين.
والدليل عليه أيضا ما روى سهل بن سعد في الصحيح أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم مرّ عليه رجل فقال : ما تقولون في هذا؟ قالوا : حرىّ إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفّع ، وإن قال أن يسمع. قال : ثم سكت. فمرّ رجل من فقراء المسلمين فقال : ما تقولون في هذا؟ قالوا : [هذا] (٣) حرىّ إن خطب ألّا ينكح ، وإن شفع ألّا يشفع ، وإن قال ألّا يسمع. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم (٤) : تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها ـ وفي رواية : وحسبها ، فعليك بذات الدّين تربت يداك (٥).
وقد خطب سلمان إلى أبى بكر ابنته فأجابه. وخطب إلى عمر ابنته فالتوى عليه ، ثم سأله أن ينكحها ، فلم يفعل سلمان ، وخطب بلال بنت البكير فأبى إخوتها ، فقال بلال : يا رسول الله ، ماذا لقيت من بنى البكير! خطبت إليهم أختهم فمنعونى وآذوني. فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أجل بلال ، فبلغهم الخبر ، فأتوا أختهم ، فقالوا : ماذا لقينا من سببك! غضب علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أجل بلال. فقالت أختهم : أمرى بيد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فزوّجها (٦) بلالا ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم في أبى هند حين حجمه : أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه ، وهو مولى بنى بياضة (٧).
__________________
(١) في ا : الكفارة ، وهو تحريف.
(٢) من ش.
(٣) مسلم : ١٠٨٦.
(٤) ترب الرجل إذا افتقر ، ولا يقصد بها الدعاء ، فهي كقولهم : قاتله الله.
(٥) في ش : فروجوها.
(٦) في ش : بنى نباهة.