فإن قيل : فما تقول في الإشارة بالإصبع؟
قلنا : فيه ثلاثة أوجه :
أحدها ـ أنّ اللسان يكفى في السلام ، وأما حركة البدن أو شيء منه فلم يشرع في السلام ، لا تحريك يد [ولا قدم] (١) ولا قيام بدن.
الثاني ـ أنّ ردّ السلام فرض ، وابتداؤه سنّة في مشهور الأقوال ، ولكن يجوز القيام للرجل الكبير بداءة إذا لم يؤثّر ذلك في نفسه ، كما قال النبىّ صلى الله عليه وسلم لجلسائه ـ حين جاء سعد : قوموا إلى سيّدكم ، فإن أثر فيه لم يجز عونه على ذلك ، لما روى : من سره أن يمثل (٢) له الرجال قياما فليتبوّأ مقعده من النار.
الثالث ـ أنه يجوز الإشارة بالإصبع إذا بعد عنك لتعيّن له أو به وقت السلام ، فإن كان دانيا فلا بأس بالمصافحة ، فقد صافح النبىّ صلى الله عليه وسلم جعفرا ، حين قدم من الحبشة ، وقال النبىّ صلى الله عليه وسلم : ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما ـ خرجه الترمذي وغيره ، وإن كان كره مالك المصافحة ، لأنه لم يرها أمرا عامّا في الدين ، ولا شائعا بين الصحابة ، ولا منقولا نقل السلام ، ولو كان منه لاستوى معه ، وقد بيناه في شرح الحديث.
__________________
(١) ليس في م.
(٢) في م : يتمثل ، ويمثل له الناس : يقومون له قياما ، وهو جالس. وإنما نهى عنه لأنه من زي الأعاجم ولأن الباعث عليه الكبر وإذلال الناس (النهاية).