المسألة السادسة ـ إذا أجلس رجل شاهدين من وراء حجاب وكلّمه وقرّره فاستوعبا كلامه ، فقال في كتاب محمد : لا يثبت ذلك ، ويحلف أنه ما أقر إلا بأمر كذا يذكره ، فإن نكل لزمه ما يشهد به. والأصل في الباب ما قدمناه من تحصيل العلم. والله أعلم.
الآية الموفية عشرين ـ قوله تعالى (١) : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ حدّث مالك عن حزن يعقوب إنه حزن سبعين ثكلى. قيل (٢) : فما أعطى؟ قال : أجر سبعين شهيدا. قال مالك : قال يوسف لما حضرته الوفاة : ما انتقمت لنفسي من شيء أتى إلىّ ، فذلك زادي اليوم من الدنيا ، وإنّ عملي لا حق بعمل آبائي ، فألحقوا قبري بقبورهم.
قال علماؤنا : يريد مالك بالكلام الثاني قول يوسف لإخوته (٣) : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ، أى لا تبكيت ولا مؤاخذة لكم بما فعلتم ، لأن شفاء الغيظ والجزاء بالذنب في الدنيا من عمل الدنيا لا حظّ له في الآخرة ، وذلك قول يوسف : ما انتقمت لنفسي من شيء أتى إلىّ ، فذلك زادي اليوم من الدنيا ، وإن عملي لا حق بعمل آبائي ، أى في الصفح والإحسان ، وهو (٤) فعل أهل النبوة صلى الله عليهم وسلم.
المسألة الثانية ـ قوله : «ألحقوا قبري بقبور آبائي» شاهدناه سنة سبع وثمانين ، وجاوزنا فيه [أعواما و] (٥) أياما آمنين في نعم فاكهين ، وعلى الدرس والمناظرة متقابلين ، وهو في قرية جيرون التي كانت لإبراهيم الخليل بينها وبين المسجد الأقصى ستة فراسخ في سفح الجبل الذي كان فيه بيت رامة متعبّد إبراهيم [الخليل عليه السلام] (٦) ، المشرف على مدائن لوط ، وفي وسط القرية بنيان مرصوص من حجارة عظام سورا عظيما ، في داخله مسجد ، في الجانب الغربي منه مما يلي القبلة إسحاق ، ويليه في الجانب المذكور إبراهيم الخليل ، ويليه في الطرف
__________________
(١) آية ٨٤.
(٢) في ا : قال.
(٣) آية ٩٢.
(٤) في م. وهذا.
(٥) ليس في م.
(٦) من م.