وقد تقدم معنى التبرج (١).
وقوله : (الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) : روى أنّ عمر سأل ابن عباس ، فقال : أفرأيت قول الله تعالى : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى)؟ لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، هل كانت جاهلية غير واحدة!
فقال له ابن عباس : يا أمير المؤمنين ، هل سمعت بأولى إلا لها آخرة!
قال : فأتنا بما يصدق ذلك في كتاب الله تعالى. فقال ابن عباس : إن الله تعالى يقول(٢) : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) ، جاهدوا كما جاهدتم أول مرة.
فقال عمر : فمن أمر بأن نجاهد؟ قال : مخزوم وعبد شمس.
وعن ابن عباس أيضا أنها تكون جاهلية أخرى. وقد روى أنّ الجاهلية الأولى ما بين عيسى ابن مريم ومحمد صلى الله عليهما وسلم.
قال القاضي : الذي عندي أنها جاهلية واحدة ، وهي قبل الإسلام ، وإنما وصفت بالأولى ، لأنها صفتها التي ليس لها نعت غيرها ، وهذا كقوله (٣) : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) ، وهذه حقيقته ، لأنه ليس يحكم إلا بالحق.
المسألة السابعة ـ قوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
فيها أربعة أقوال :
الأول ـ الإثم.
الثاني ـ الشرك.
الثالث ـ الشيطان.
الرابع ـ الأفعال الخبيثة والأخلاق الذميمة ، فالأفعال الخبيثة كالفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والأخلاق الذميمة كالشح ، والبخل ، والحسد ، وقطع الرّحم.
__________________
(١) صفحة ١٣٥٦ (سورة النور).
(٢) سورة الحج ، آية ٧٨.
(٣) سورة الأنبياء ، آية ١١٢.