قال : فأتى ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فأعطاه أهله وولده. فأتاه فأعلمه ذلك ، فقال : وكيف يعيش رجل لا مال له! فأتى ثابت النبي صلى الله عليه وسلم فطلبه ، فأعطاه ماله. فرجع إليه فأخبره ، فقال : ما فعل ابن أبى الحقيق الذي كأنّ وجهه مرآة صينية؟ قال : قتل. قال : فما فعل المجلسان ـ يعنى بنى كعب بن قريظة ، وبنى عمرو ابن قريظة؟ قال : قتلوا. قال : فما فعلت القينتان (١)؟ قال : قتلتا. قال : برئت ذمتك ، ولن أصبّ (٢) فيها دلوا أبدا ـ يعنى النخل ـ فألحقنى بهم ، فأبى أن يقتله وقتله غيره.
واليد التي كانت لابن باطا عند ثابت أنه أسره يوم بعاث فجزّ ناصيته وأطلقه.
وكذلك قال ابن القاسم عنه. وقال ابن وهب عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ـ حين توفى (٣) سعد : نخشى أن نغلب عليك ، كما غلبنا على حنظلة. قال : وكان قد أصيب في أكحله (٤) ، فانتقله النبىّ صلى الله عليه وسلم إليه.
وكانت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ، وذكرت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعاهد ثغرة من الجبل يحافظ عليها ، ثم يزلفه البرد ذلك اليوم ، فيأتى فيضطجع في حجري (٥) ، ثم يقوم ، فسمعت حسّ رجل عليه حديد وقد أسند (٦) في الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا؟ فقال : سعد بن أبى وقاص ، جئتك لتأمرنى بأمرك.
فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت في تلك الثغرة.
قالت عائشة : ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجري حتى سمعت غطيطه ، وكانت عائشة لا تنساها لسعد.
قال مالك : وانصرف النبي صلى الله عليه وسلم من آخر النهار ، فاغتسل ، فأتاه جبريل عليه السلام قال (٧) : أوضعت اللأمة أو لم تضعها؟ إن الله يأمرك أن تخرج إلى بنى قريظة.
قال ابن القاسم عنه : وقسم قريظة سهمانا ، فأما النضير فقسمها للمهاجرين الأولين ، ولثلاثة نفر من الأنصار ، وهم سهل بن حنيف ، وأبو دجانة ، والحارث بن الصمة.
__________________
(١) في القرطبي : الفئتان.
(٢) في ا : أصيب.
(٣) في م : رمى.
(٤) الأكحل : عرق في اليد أو هو عرق الحياة (القاموس).
(٥) في ا : حجرتي.
(٦) أسند في الجبل : صعد.
(٧) في م : فقال.