وإنما يخرج من الآية مسألة ، وهي الاكتفاء بصمت البكر ، وهو في حديث محمد صلى الله عليه وسلم ظاهر ، وفي شريعة الإسلام أبين منه في شرع موسى ، وبهذه الاحتمالات يتبين لك وجه استخراج الأحكام ، وما يعرض على الأدلة من الشّبه ، فيقابل كلّ فن بما يصلح له ، ويرجح الأظهر ، ويقضى به.
المسألة الثانية والعشرون ـ قد بينّا في مسائل الفقه أنّ الكفاءة معتبرة في النكاح. واختلف علماؤنا فيها ، هل هي في الدين والمال والحسب ، أو في بعضها؟ وحقّقنا جواز نكاح الموالي للعربيات وللقرشيات ، وأنّ المعوّل على قول الله تعالى (١) : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ).
وقد جاء موسى إلى صالح مدين غريبا طريدا ، وحيدا جائعا عريانا ، فأنكحه ابنته لما تحقّق من دينه ، ورأى من حاله ، وأعرض عما سوى ذلك.
ولا خلاف في إنكاح الأب ، وإنما الخلاف في اعتبار الكفاءة في إنكاح غير الأب من الأولياء ، إلا أن يطرحها الأب في عار يلحق القبيل ، ففيه خلاف ، وتفصيل عريض طويل بينّاه في مسائل الخلاف والفروع ، فلينظر هنالك.
المسألة الثالثة والعشرون ـ اختلف الناس ، هل دخل موسى عليه السلام حين عقد؟
أم حين سافر؟
فإن كان دخل حين عقد فماذا نقد؟ وقد منع علماؤنا من الدخول حتى ينقد ولو ربع دينار ، قاله ابن القاسم.
فإن دخل قبل أن ينقد مضى ، لأنّ المتأخرين من أصحابنا قالوا : تعجيل الصداق أو شيء منه مستحبّ ، على أنه إن كان الصداق رعية الغنم فقد نقد الشروع في الخدمة.
وإن كان دخل حين سافر أو أكمل المدة ، وهي :
المسألة الرابعة والعشرون ـ وطول الانتظار في النكاح جائز ، وإن كان مدى العمر ، بغير شرط.
__________________
(١) سورة الحجرات ، آية ١٣.