والذي روى عتبة بن المنذر السلمى ـ وهو عتبة بن عبيد ـ وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أىّ الأجلين أو في موسى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوفاهما وأبرهما. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موسى لما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها عن نتاج غنمه ما يعيشون به. فأعطاها ما ولدت غنمه من قالب لون ذلك العام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما وردت الحوض وقف موسى بإزاء الحوض فلم تمرّ به شاة إلا ضرب جنبها بعصا ، فوضعت قوالب ألوان كلها اثنين وثلاثة ، كل شاة ليس منهن فشوش (١) ولا ضبوب (٢) ولا كمشة (٣) ولا ثعول.
الفشوش : التي إذا مشت سال لبنها. والضّبوب (٤) التي ضرعها مثل الموزتين. والكمشة : الصغيرة الضّرع التي لا يضبطها الحالب (٥). والقالب (٦) لون صنف واحد كله.
ولو صحت هذه الرواية لكان فيها مسألتان :
إحداهما :
المسألة السادسة عشرة ـ وهي الوحى لموسى عليه السلام قبل الكلام ، وذلك بالإلهام ، أو بأن يكلّمه الملك كهيئة الرجل ، كما روى أنه هداه في طريقه لمدين حين ضلّ وخاف ، ولكن لا يكون بذلك نبيا ، فليس كلّ من يكلمه الملك ويخبره بأمر مشكل يكون نبيا ، وقد وردت بذلك أخبار كثيرة.
الثانية ، وهي :
المسألة السابعة عشرة ـ الإجارة بالعوض المجهول ، فإن ولادة الغنم غير معلومة ، وإن من البلاد الخصبة ما يعلم ولادة الغنم فيها قطعا ، وعدتها ، وسلامة سخالها ، منها ديار مصر وغيرها ، بيد أن ذلك لا يجوز في شرعنا ، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر، وربما
__________________
(١) في ا : قشوش ـ بالقاف والصواب من النهاية واللسان.
(٢) في ا : ضنوب.
(٣) في النهاية ، واللسان : كموش.
(٤) في القرطبي : والضبوب : الضيقة ثقب الإحليل.
(٥) لم يفسر الثعول هنا ، وسيفسره بعد في الصفحة الآتية ولكن جاء في القرطبي (١٣ ـ ٢٧٧) : والثعول : الشاة التي لها زيادة حلمة ، وهي الثعل ، والثعل : زيادة السن. والثعل : ضيق مخرج اللبن.
(٦) في النهاية : «لك من غنمي ما جاءت به قالب لون» تفسيره ما جاءت على غير ألوان أمهاتها ، كأن لونها قد انقلب.