الآية العاشرة ـ قوله تعالى (١) : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قال علماؤنا : يعنى الذين إذا قرءوا القرآن قرءوه بقلوبهم قراءة فهم وتثبّت ، ولم ينثروه نثر الدّقل (٢) ، فإنّ المرور عليه بغير فهم ولا تثبّت صمم وعمى عن معاينة وعيده ووعده ، حتى قال بعضهم : إنّ من سمع رجلا وهو يصلّى يقرأ سجدة فسجد ، وهي: المسألة الثانية ـ فليسجد معه ، لأنه سمع آيات الله تتلى عليه ، وهذا لا يلزم إلا للقارئ وحده ، وأما غيره فلا يلزمه ذلك إلا في مسألة واحدة ، وهي :
المسألة الثالثة ـ ذكرها مالك ، وهو أنّ الرجل إذا تلا القرآن ، وقرأ السجدة ، فإن كان الذي جلس معه جلس إليه ليسمعه فليسجد معه ، وإن لم يلتزم السماع معه فلا سجود عليه. وعلى هذا يخرج إذا كان في صلاة فقرأ السجدة أنه لا يسجد الذي لا يصلّى معه.
وهذا أبعد منه.
وقيل : معنى الآية في الذين لا يعتبرون اعتبار الإيمان ، ولا يصدّقون بالقرآن ، والكلّ محتمل أن يراد به ، إلا أنه تختلف أحوالهم بحسب اختلاف اعتقادهم وأعمالهم. والله أعلم.
الآية الحادية عشرة ـ قوله تعالى (٣) : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله : (قُرَّةَ أَعْيُنٍ).
معناه أنّ النفوس تتمنّى ، والعيون تمتدّ إلى ما ترى من الأزواج والذرية ، حتى إذا كانت عنده زوجة اجتمعت له فيها أمانيه من جمال وعفّة ونظر وحوطة (٤) ، أو كانت عنده ذريته (٥) محافظين على الطاعة ، معاونين (٦) له على وظائف الدين والدنيا ، لم يلتفت إلى زوج أحد ،
__________________
(١) آية ٧٣.
(٢) الدقل : أردأ التمر.
(٣) آية ٧٤.
(٤) احتاط : أخذ في الحزم.
والاسم الحوطة.
(٥) في القرطبي : ذرية محافظون.
(٦) في القرطبي : معاونون.